للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاب مقلنس. ينظم طبعاً، ويرعي الأسماع من منظومه بحسن الإيراد أنضر مرعى.

وفد، وأنا ب البصرة في النيابة الوزيرية العونية، ومدحني فمنحته، واستعدى بي على زمانه فأعديته، واستهدى بثنائه فأهديت له وهديته.

وكان أمير المؤمنين نعتني ب عزيز الدين، نعت عمي، فمن كلمة له في:

سمعاً عزيزَ الدِّينِ إِنّك واحدٌ ... عدِم النّظيرُ له، وعزَّ الثّاني

أعرضتَ عن فعل الدَّنايا، مثلَما ... لم يلقَ فضلك في الزَّمان مُدانِ

فُقتَ ابنَ مُقْلَةَ في الكتابة، مثلَما ... فاق السَّحائبَ منك فيضُ بَنانِ

ورأيت أَنّ الحمدَ زينٌ، والثَّناباقٍ، ومالُك لا مَحالَةَ فانِ

فهدَمْت أَرْوِقة اللُها متعمّداً ... وغدوت للذِّكر المخلَّد بانِ

ورآك عونُ الدِّين أقطعَ مِخْذَمٍ، ... ضافي ظِلالِ الرّأيِ، غيرَ هِدانِ

حسَنَ الطَّوِيّةِ، مُعْرِباً عن حكمة ... مأثورةٍ، تُتْلَى بكلّ لسانِ

ومنها:

فانجَحْ، فلستَ بعاجز عن مُشْكِلٍ ... يعرو، ولا عندَ المكارم وانِ

ومن أخرى له في:

لك الخيرُ، يا مَنْ وجهُه وسَماحُه ... تزولُ به البلوى وينكشفُ الضُّرُّ،

لقد عادتِ الأيّامُ وَهْيَ منيرةٌ ... يقطّبُ فيها الجورُ، والعدلُ يَفْتَرُّ

يوافقُ فيها فعلَك السَّعدُ، مثلَما ... يُلائم عالي مجدِك الحمدُ والشُّكرُ

وله من أخرى، كتبها إلي:

أشكو إليك من الأيّام، حيثُ نَبا ... صبري، وقَلَّ على تصريفها جَلَدِي

ولستُ أَعرِفُ لي دُنيا، سِوى سَعَةٍ ... في الفضل ضاقَ بها صدري وذاتُ يدي

الشريف علي بن أسامة

العلوي الحسيني الضرير

شاب ظريف، حسن الصوت.

كان ينادم الأكابر بإنشاد الأشعار المطربة الغزلة، كأشعار مهيار والرضي ومن يجري مجراهما، ثم ابتدأ يعمل شعراً، ويتكلف الصنعة فيه بالتجنيس والتطبيق. وكثر ذلك منه حتى غلب عليه النظم، ومهر فيه، وتمهر في نظمه، وحسنت ألفاظه وراقت.

فمما أنشدني من شعره، ما نظمه في عند ورودي واسط في عمل الوزير، سنة أربع وخمسين وخمس مئة:

قدمتَ يا مَنْ رقاه في العلى قدمُ ... وقدمة شادَها التّأييدُ والقِدَمُ

يا مَعدِنَ الحسنِ والإحسانِ، يا ملكاً ... يَعُمُّ منه الورى الإكرامُ والكرمُ

يا عاقرَ البُدْنِ والأبدانِ، دامَ لك الْ ... إِنعام في الدَّهر، يا مَنْ قولُه نَعَمُ

محمّد أنت محمودُ السَّجِيَّةِ، إِذْ ... نفت همومَ الورى عن عزمك الهِمَمُ

وأنت في عالَم الدُّنيا، بفضلك وال ... عِلمِ الغَزيرِ وإدراكِ العلى، عَلَمُ

هذا العزيز الَّذي ذَلَّت لِعزَّته ال ... عِدا، وعزَّ المُوالي فَهْوَ محترمُ

يا مُعرِبَ اللفظِ، يا مَنْ في الورى شَهِدت ... بفضله وعُلاه العُرْب والعجمُ

ومَنْ يقلّم أظفارَ الزَّمانِ، إذا ... أبدت له منه حُسنَ السِّيرة الشِّيَمُ

كم خُلَّةٍ منه سَدَّت خَلَّةً بنَدىً ... ومِنّةٍ من كُلوم طيَّها كَلِمُ

لا يملِكُ الذَّمُّ منه العِرضَ من أحد ... يوماً، ويملِكُه الميثاقُ والذِّمَمُ

حرمانُ راجيهِ جُرمٌ عندَه، ولِمَنْ ... يلجا إلى ظلّه من رَبْعه حَرَمُ

في الجود، سار أَمامَ النّاس عن أَمَم ... إلى مَدىً عجَزَت عن شَأْوه الأُمَمُ

قدِمتَ كالأمن بعدَ الخوفِ، أو كنُزو ... لِ الغيثِ، من بعدِ ما ضَنَّتْ به الدِّيَمُ

لا زِلتَ تبقى قَريراً في بُلَهْنِيَةٍ ... لخادم سَبقَت منه لك الخِدَمُ

ومما أنشدنيه أيضاً لنفسه، وقصدني ب الهمامية، في صفر سنة ستين وخمس مئة:

عَلامَ جَنَّبْتَ من السَّفْحِ العَلَمْوزُلْتَ بي سَلِمْتَ عن وادي سَلَمْ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>