للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّي مثلها في كلِّ حالٍ ... أموت بكم وتُحييني الأماني

وقال: أنشدني أبو عبد الله الحسين بن علي السلماني الحاسب الأنصاري: أنشدني عبد الله بن القاسم القاضي:

وا حسرتا إذ رحلوا غُدوَةً ... ولا أُرى في جملة الظاعنينْ

قد قلتُ لمّا رحلوا عِيسَهم ... يا ليتني كنتُ مع الراحلينْ

وا خجلتا إن لم أُطِقْ بَعْدَهمْ ... تَصبُّراً من نظر الشامتين

ما حِيلتي إذ حالتي بَعدَهم ... حالُ شِمالٍ فارقتها اليمين

وقال: أنشدني أبو عبد الله الحسين بن علي بن سلمان الحاسب: أنشدنا القاضي أبو محمد لنفسه:

أسكّانَ نَعمان الأراك تيقَّنوا ... بأنّكمُ في ربع قلبيَ سُكّانُ

ودوموا على حِفظِ الوداد فطالما ... بُلِيتُ بأقوامٍ إذا حُفِظوا خانوا

سلوا الليل عني مُذْ تباعد شخصُكمْ ... هل اكْتحلت بالنوم لي فيه أجفانُ

وهل جردَتْ أسياف برق دياركم ... فكانت لها إلاّ جُفونيَ أجفانُ

وقال: أنشدني أبو عبد الله السلماني الحاسب: أنشدني أبو محمد الشهرزوري لنفسه بالموصل:

يا نديمي قَرِّبِ القَدَحا ... إنَّ سُكْرَ القوم قد طفحا

اسْقِنيها من معادنها ... وَدَعِ العُذّال والنُّصَحا

قهوةً حمرا مُشَعْشَعَةً ... رقصت في كَأْسِها فرحا

لم تُدَنَّسْ بالمزاج ولو ... بُزِلت في الليل عاد ضُحى

والذي كانت تراوده ... نفسُه بالشُّحِّ قد سمحا

كان مَستوراً فحين دنا ... كَأْسُها في كفّه افْتضحا

وبالإسناد، قال: أنشدنا أبو عبد الله: أنشدني أبو محمد لنفسه:

اِشرب فقد رقَّ النَّسيمُ ... وانْعَمْ فقد راق النعيمُ

وانْظُرْ فقد غَفَلَ الرَّقيبُ ونام وانتبه النديمُ

واسْمح بما في راحَتَيْك وجُدْ فقد سَمح الغريمُ

وقال: أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفّر الشهرزوري بالموصل: أنشدنا أخي أبو محمد عبد الله لنفسه:

ولائمةٍ لي على ما ترى ... بقلبيَ من غمرات الهمومِ

رويدك إنّ هموم الفتى ... على قدر همَّته لا تلومي

وقال: أنشدني أبو الحسن سعد الله بن محمد بن علي المقري لأبي محمد عبد الله بن القاسم:

هَبَّتْ رِياحُ وِصالهم سَحَرَاً ... بحدائقٍ للشَّوق في قلبي

واهْتَزّ عُودُ الوصلِ من طربٍ ... وتساقطتْ ثمرٌ من الحبّ

ومضتْ خيول الهجر شارِدةً ... مَطرودةً بعساكر القُرب

وبدتْ شموس الوصل خارقةً ... بشعاعها لسُرادقِ الحُجْبِ

وصفا لنا وقتٌ أضاءَ به ... وجهُ الرِّضا عن ظُلمة العَتْبِ

وبقيتُ ما شَيءٌ أُشاهدهُ ... إلاّ ظننتُ بأنّه حِبّي

وله:

جعلتُ الخدَّ قِرطاسي ... ودمعَ العين أنقاسي

وخَطّ الوجدُ بالزَّفرا ... تِ ما تُمليه أنفاسي

إلي كم أنا في الحبّ ... أُقاسي قلبك القاسي

وكم أَحْمِل ما تَجْني ... على العينينِ والراس

وكم أغرِس آمالي ... وما أجني سوى الياسِ

ذكر السمعاني أنه سمع أن القاضي أبا محمد توفي بعد سنة عشرين وخمسمائة.

أخوه:

أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفّر بن الشهرزوري المعروف ب

قاضي الخافقين

شيخ مُسنّ محترم، وكبير محتشم، رحل إلى خراسان في أيام شبيبته، وحصّل العلم بيُمن نقيبته، ثم عاد وولي القضاء بعدة بلدان من بلاد الشام والجزيرة، ونشر بها من آدابه الغزيرة، وكان يروي الحديث النبوي، ويسمع الخبر المروي، وتوفي ببغداد في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، كذا ذكره السمعاني في تاريخه، وقال: أنشدني لنفسه بجامع الموصل:

همّتي دونها السُّهى والزُّبانى ... قد عَلَتْ جُهدها فلا تَتَدَانى

فأنا مُتعَبٌ مُعَنَّىً إلى أن ... تَتَفَانى الأيّام أو أتفانى

قاضي القضاة بالشام

كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>