للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو النادي وأنت به أُنادي ... فيا مُرْوي الحَيَا مُورِي الزناد

لسانُكَ أمْ سنانُك دارَ فيما ... أَراه من الجدالِ أو الجلاد

تُبرِّزُ في اضطلاع واطلاع ... وتَبْرُزُ في انتقادٍ واتِّقاد

وكم لك في الفصاحة من أَيادٍ ... مَلَكْت بها الفخار على الإيادي

ومنها:

مِنَ الشعراء قلبي منك أضحى ... يهيمُ صبابةً في كل واد

تَخِذْتُكَ من صَقَلِّيَةٍ خليلاً ... فكنتَ الوَرْدَ يُقْطَفُ من قَتَاد

وَشِمْتُكَ بين أَهليها صَفِيّاً ... فكنت الجمرَ يُقْبَسُ من زِناد

فإن وَسِعَتْكَ حيزومٌ وإلاّ ... فما ضاقت حيازيمُ البلاد

فديتك كلنا فيها غريبٌ ... وذا نسَبٌ يضاف إلى الوداد

مُرَادي أن أراك ولست أشدو ... عذيرَكَ من خليلِكَ من مُرَاد

ومنها:

وإني عنك بعد غدٍ لغَادٍ ... وقلبي عن فِنائكَ غيرُ غاد

فأبعدُ بعدنا بُعْدُ التداني ... وأقربُ قربنا قربُ البعاد

وذكر غير هذا مما كتبه والجواب عنه.

ابن المنجم

نشو الدولة علي بن مفرج المنجم

سمعت القاضي أبا القاسم حمزة بن عثمان سنة إحدى وسبعين بدمشق، وقد وفد إليها بمهمة، يقول: بمصر شاب مبرز في الشعر مجيد وقد وخطه الشيب، وانتفى عن أدبه العيب، وله بديهة مليحة، وفكرة صحيحة، وذكاء وقريحة، وإنما أفسد حاله أنه ضمن الصابون والملاهي، وارتكب في عسف الناس المناهي، فاستغاثوا منه واستعدوا عليه، وامتدت ألسنتهم فيه، فعذب بالنفي إلى عيذاب، وهذب بها الأهداب، ثم وصل إلى الشام في خدمة الملك المعظم تورانشاه ابن أيوب من اليمن فلقيته، واستنشدته من شعره فأنشدني كثيراً منه، وعرفني أن القصيدة العينية التي كتب بها شمس الدولة من تيماء منصرفه من اليمن إلى أخيه الملك الناصر بدمشق هي له.

وتسايرنا في طريق مصر فأنشدني لنفسه من قصيدتين بيتين في الخضاب، وهما:

وما خضب الناسُ البياض لقبحهِ ... فأقبحُ منه حين يظهر ناصِلُهْ

ولكنما مات الشبابُ فسُخِّمَتْ ... على الرسم من حُزْنٍ عليه مَنازِلُهْ

وأما العينية التي كتبها عن شمس الدولة إلى أخيه فهي:

ولما تمادتْ مُدَّةُ البين بيننا ... ونازعني قلبٌ إلى الشام نازعُ

ركبت اشتياقاً مُوضِعاً حين شاقني ... هوى ساكنيها لم تَسَعْني المواضع

فهل لأخي بل مالكي علم أنني ... إليه وإن طالَ التردُّدُ راجع

وإني بيومٍ واحدٍ من لقائه ... لمُلْكي على عُظم البريَّةِ بائع

ركبتُ إليه الليلَ وهْو غياهبٌ ... وجُبْتُ إليه الأرضَ وهْيَ بلاقع

ولبَّيته لما دعاني مسارعاً ... بنفسي ومالي والمشوقُ مسراع

فيا برقُ طالِعْهُ بأنِّيَ واصلٌ ... إليه ونجمُ القُرْبِ بالوصلِ طالع

ولم يبقَ إلاّ دون عشرين ليلةً ... وتَجْنِي المُنَى أبصارُنا والمسامع

لدى مَلِكٍ تعنو الملوكُ لبأسِهِ ... وتخشعُ إعظاماً له وهْو خاشع

ومنها:

وتضطربُ الدنيا لبثِّ جنوده ... سوى ما حواهُ مُلْكُه فَهْو وَادِعُ

الفقيه البليغ أبو عمران

موسى بن علي السخاوي

من الأعمال الغربية بمصر، وسكنه الإسكندرية. ذكره لي الأمير عز الدين محمد بن مصال في سنة سبعين وأثنى على فضائله وقرظها، وأنشدني من أشعاره التي حفظها، وذكر أنه الآن شاعر تلك المدرة، وبسماع قلائده جلاء الأفهام الصدئة وصفاء القرائح الكدرة.

فمن قصيدة له قوله:

هذي ديارهمُ وتلك نوارُ ... نأت النوى وتدانت الأوطارُ

فأَرِحْ متونَ العيسِ من دَوِّيَّةٍ ... تسري الرياحُ بأرضها فتحار

يتجشَّم المشتاقُ شمَّ ترابها ... ويضلُّ فيها الكوكبُ السَّيار

ومنها:

ولرب موحشةٍ قطعتُ ومؤنسي ... طِرْفٌ أَغَرّ وكوكبٌ غَرَّار

وذكر بعد ذلك ليلة، ووصفها إلى أن قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>