قال السّمعاني: قرأت بخط شجاع بن فارس الدّهري الشهرزوري أبي غالب، أنشدنا أبو الحسن علي بن فضال لنفسه:
كتبتُ والشوقُ يملي ... عليّ ما في الكتاب
والقلبُ قد طار شوقاً ... الى رجوع الحراب
قال: وقرأت بخط شجاع، أنشدنا علي بن فضّال لنفسه:
لا عُذْرَ للصبّ إذا لم يكن ... يخلع في ذاكَ العذارِ العذارْ
كأنّه في خدّه إذ بدا ... ليل تبدّى طالعاً من نهار
تخاله جنح ظلام وقد ... صاح به ضوء صباح فحار
قال: وقرأت بخطه، أنشدنا علي بن فضّال لنفسه:
كأن بَهرام وقد عارضت ... فيه الثُريا نظر المبصر
ياقوتة يعرضها بائع ... في كفّه والمشتري مشتري
قال: وأنشدنا عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي كتابة: أنشدنا أبو الحسن بن فضّال المجاشعي لنفسه:
يا يوسُفيّ الجمال عبدُك لم ... تبقَ له حيلةٌ من الحِيل
إن قُدّ فيه القميصُ من دُبُرٍ ... قد قُدّ فيكَ الفؤادُ من قُبُل
قال: وأخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسين النسوي إجازة، قال أنشدنا علي بن فضّال لنفسه:
واللهِ إن الله ربّ العِباد ... وخالص النّيّة والاعتقاد
يا أملح الناس بلا مِرْيَةِ ... من غير مُستثنى ولا مُستعاد
ما زادني صدّك إلا هوى ... وسوء أفعالك إلا وِداد
وإنّني منكَ لفي لوعةٍ ... أقلّ ما فيها يُذيب الجَماد
فكن كما شئتَ فأنتَ المُنى ... واحكم بما شئتَ فأنت المُراد
وما عسى تبلُغُه طاقَتي ... وإنّما بين ضلوعي فؤاد
وقرأت في بعض الكتب للمُجاشعي يمدح نظام الملك:
قالوا الوزيرُ ابنُ عبّادٍ حوى شرفاً ... فكم وكم لكَ عبد كابنِ عبّاد
ما جاوزَ الرّيّ شِبْراً رأي صاحبه ... وأنتَ بالشّام شمس الحفل والنادي
ولابن فضّال المجاشعي:
إن تُلقِكَ الغُربةُ في معشرٍ ... قد أجمعوا فيكَ على بُغضهم
فدارِهم ما دُمتَ في دارِهم ... وأرضِهِمْ ما دُمْتَ في أرضِهمْ
[أبو الحكم المغربي]
الحكيم الأديب تاج الحكماء أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله المريني المغربي صاحب عمّي الصدر الشهيد العزيز أبي نصر أحمد بن حامد بن محمد روّح الله روحه وروّض ضريحه. كان طبيب البيمارستان الذي كان يحمله أربعون جملاً في المعسكر أين خيّم وابن المرخم يحيى بن سعيد الذي صار أقضى القضاة في الأيام المقتفية ببغداد، كان فصّاداً فيه وطبيباً أيضاً وكان أبو الحكم كثير الهزل والمداعبة، دائم اللهو والمطايبة.
سمعت بعض أهل أصحاب عمّي يقول: كان يأتي إليه الغلام وما به شيء، فيريه نبضه فيقول له: تصلح لك الهريسة، وما زال يخدم ملازماً للعمّ، الى حين نزول الحادث الملم، فآلى أن لا يقيم بالعراق بعده، وآثر على قربه منها بعده، وركب مطية الغسق، الى دمشق، وأقام بها الى أن أتاه الأجل المحتوم، والقدر المعلوم.