كأنه بدرُ تمّ ... في الأفق قابل سعده
يا ليته بات عندي ... أو ليتني بتُّ عنده
يا عاذلي فيه دعه ... يُطِلْ كما شاء صدّه
فإنما هو مولىً ... أضحى يؤدب عبد
وله:
إذا المء لم يُعرف بجدّ ولا أب ... ولم يشتهر في الناس إلا بأمّه
فلا تسألنْ عن حاله فهو ساقط ... وإن لم يشع في الناس أسباب ذمّه
[أبو عبد الله محمد ابن العطار الكاتب]
له:
لولا عيونُ جآذر وظباء ... ما راضت الأشواقُ صعبَ إبائي
واقتاد قلبي بعد طول تمنّع ... نحو الصبابة قائدُ البرحاء
وصبوتُ صبوةَ عاشق ذي غرة ... لعبت بمهجته يد الأهواء
باب في ذكر محاسن جماعة من المغرب الأدنى
والقيروان وأفريقية من أهل هذا العصر
ابن فرحان القابسي
هو سلاّم بن أبي بكر بن فرحان، من قابس مدينة من أعمال القيروان وكان جليساً ووزيراً لأميره مدافع بن رشيد بن رافع بن مكي بن كامل بن جامع الهلالي من بني فادع من بني علي ثم من هلال، وقتِل ابن فرحان يوم خروج الأمير المذكور من قابس واستيلاء المصامدة عليها بعسكر عبد المؤمن بن علي وذلك في سلخ شعبان سنة أربع وخمسين وخمسمائة، قال الشريف إدريس الإدريسي أنشدني أبو عمران شكر بن عامر بن محمد بن عسكر بن كامل بن جامع الهلالي الفلاعي لابن فرحان في تهنئة الأمير مدافع المذكور بشهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة من قصيدة أولها:
برَبْعِ رامةَ رام الركبُ إلماما ... فغاض صبري وفاض الدمع تَسْجاما
وقل للرّبع منا أن نلمّ به ... وأن نُحيّي به رسماً وأعلاما
سقياً لعصر الصِّبا لو كان متصلاً ... ما كان أطيبَ ذاك العيشَ لو داما
وكم كتمتُ الهوى جهدي فنمّ به ... دمعي وما زال دمع العين نمّاما
فاخلعْ عِذاركَ في راح وفي رشأ ... طاوي الوشاح ولا تحفَلْ بمن لاما
لله ريمٌ رمى قلبي فأقصده ... وأضرم النارَ في الأحشاء إضراما
بخصره هيَف أهدى النّحولَ الى ... جسمي وأهدى لسقمِ اللحظ أسقاما
ومنها:
ذرني أكفّ عن التّطواف راحلتي ... ملّت جياديَ إسراجاً وإلْجاما
ما زلتُ أفري أديمَ الأرض منفرداً ... أطوي المفاوزَ غيطاناً وأعلاما
حتى حططتُ رِحالي في ذُرى ملك ... غمر المواهب للقصّاد بسّاما
ومنها:
في متن أدهمَ ما ينفكّ يُقحمه ... على أعاديه يومَ الروع إقحاما
ما أبصرت مقلتي من قبل صافنِه ... طِرْفاً غدا حاملاً في الحرب ضرغاما
في عُصبة كأسود الغاب قد جعلت ... سمرَ الرماح وبيضَ الهند آجاما
هنِّئ مُدافعَ إن الله خوله ... عزاً ينال به كلّ الذي راما
إذا رآه العدا في يوم ملحمة ... يغشي عيونهم نوراً وإظلاما
وقبّلوا التُربَ تعظيماً لطلعته ... كما رأتْ فارسٌ كسرى وبَهْراما
يا أيها الملك المرهوبُ جانبه ... شملتَ هذا الورى فضلاً وإنعاما
سُسْتَ الرّعايا وصنتَ الملك فامتنعا ... بصارمٍ ذكرٍ تفرى به الهاما
ومنها:
قُم فافتحِ الأرضَ فالأملاك كلّهم ... سواك أضحوا عن العلياء نوّاما
ومنها:
خذ هاكها يا أبا الحملات نظم فتى ... ما زال في مدحكم للدرّ نظّاما
يشدو بأفنان أغصانِ الثناء على ... علاك فيها طيورُ المدح تَرناما
في بلدة مثل الخلد قد جمعت ... براً وبحراً وحيتاناً وآراما
كما جمعتَ خلالاً كلها حسن ... تُقىً وحلماً ومعروفاً وإقداما
لا زلت تُفني زماناً بعده زمنٌ ... مؤثل المجد وهّاباً وغنّاما
أبو الفضل ابن الفقيه
عبد الله بن نزار الهواري القابسي
وهو حي الى الآن، يخدم ولد عبد المؤمن كاتباً.