للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف أعتدّ بلُقيا هاجر ... قبلما حاول وصلي صرَما

عجبي من سقَمٍ في طرفه ... يورِثُ السُّقْم ويَشْفي السّقَما

لو تجاسرتُ على الفتك به ... لم أعُدْ أقرَعُ سنّي ندَما

أيّ شيء ضرّني لو أنّني ... كنت في الحِلّ طرقت الحرَما

أنا عندي من شفى غُلّته ... من حبيب مُسعِدٍ ما أثِما

وقال:

فيه لي جنة وفيه نعيم ... وعذاب أشقى به ونعيمُ

جاءني عائداً ليعلمَ ما بي ... من تجنّي هواه وهو عليم

هو يدري ما أوجب السُقمَ لكن ... ليس يدري بما يقاسي السقيم

ثم نادى وقد رأى سوءَ حالي ... جلّ محْيي العِظام وهي رميم

وقال:

ألا فليُوطِّنْ نفسَه كلّ عاشق ... على خمسة محثوثةٍ بغَرام

رقيبٍ وواشٍ كاشح ومفنِّدٍ ... مُلحّ ودمعٍ واكفٍ وسَقام

وقال:

لا فرّج الله عنّي ... ولا شفى طولَ حُزني

وألهبَ الشّوقُ قلبي ... وأمكن العجزُ منّي

إن لم أروّحْ فؤادي ... من ذا القِلَى والتّجنّي

وقال:

وصلَ الكتابُ وكان آنسَ واصلٍ ... عندي وأحسنَ قادمٍ ألقاه

لا شيء أنفَسُ منه مُهدَى جامعاً ... شمِلَ المنى إلا الذي أهداه

ففضَضْتُه وجعلت ألثُم كلّ ما ... كتبَتْهُ أو مرّت عليه يداه

وفهمت مودَعَه فرحت بغِبطة ... جذْلانَ مبتهجاً بما أدّاه

وعجِبْتُ من لفظٍ تناسق فيه ما ... أعْلاه ما أجْلاه ما أحْلاه

ولقد غُبِطتُ عليه عِلْقَ مضِنّةٍ ... عُدِمتْ له الأشكال والأشْباه

كالروض باكَرَهُ الحَيا فتفتّحت ... أزهاره وتضوّعَت ريّاه

كالعقد فُصِّل لُؤلؤاً وزبرجدا ... فتقابلت أولاهُ معْ أُخراه

دُرٌ ترفّعَ قدْرُه عن قيمة ... منظومة صُغراهُ معْ كُبْراه

وقال معمى وهو تميم، وموضعه حرف التاء:

اسمُ الذي أضحى فؤادي به ... مُعذّباً صبّاً بتعذيبه

إن صيّروا أوّلَه ثانيا ... غدا اسمُه بعضَ صِفاتي به

وقال:

الموت في صحُفِ العشّاق مكتوبُ ... والهجر مِن قبلُ تنكيدٌ وتعذيبُ

إن طال ليلي فوجه الصّبح مطلعُهُ ... من وجه من هو عن عينيّ محجوب

من لي بإعلامِه أنّي لغيبته ... ذيل المدامع في خدّيّ مسحوب

كأنّ أجفانَ عيني من تذكّرهِ ... غصن مَروح من الطّرْفاءِ مهْضوب

طالعتُ كتاباً صنفه بعض فضلاء عصري هذا الأقرب بالمهدية، وذكر فضلاء صقلية.

فمنهم:

[أبو الفضل جعفر بن البرون الصقلي]

ذكر أنه أحد الأفراد، في النظم المستجاد، وأورد من شعره ما يصف الراح، ويصافي الأرواح، فمن ذلك قوله:

وساحِرِ المقلتين تحسَبُه ... من حور عِين الجِنان منفَلِتا

يَبسِمُ عن لؤلؤٍ وعن برَدٍ ... ما بين زهر العقيق قد فُتِتا

تكسف بدرَ السماء بهجتُه ... وإن رنَتْ مقلتاه أسكرتا

فالوجهُ كالشمس مُذهَب شرِق ... والصدرُ والجيدُ جوهر نُحِتا

قلت له والغراب يعبثُ بي ... وناظري في سناه قد بُهِتا

ألا وهل عطفَة تُعدّ مُنى ... منكَ فإنّ العَذول قد شمِتا

فقال منّي إليك شيْمُ سَنا ... يسوم ذا الشوقِ في الهوى عنَتا

ومرّ كالبَدْرِ في سماوَتِه ... يختال في زهوِه وما التفتا

وقوله:

إني أبثّكَ سيّدي ... ما ليس يحملُه بشرْ

محَن كتِبنَ بمَفرِقي ... وافى بهنّ ليَ القدر

عُلِّقتُ ألوَدَ لم أكن ... أدري لعَمرُك ما الخبر

أبصرتُه في يلمَّقٍ ... كالغُصنِ أثمرَ بالقمَر

فسطا عليّ بجورِه ... أكذا الكريمُ إذا قدَر

وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>