ويا لرَجاءِ نفسٍ فيك أفضى ... الى نبإ بموتكَ مُستفيض
مصاب صاب بالمُهَجات فيْضي ... ورُزْء قال للعَبَرات فيضي
فإن قصّرْتُ في البابيْن فاعذر ... فقد شغلَ الجريضُ عن القريض
شرقتُ بأدمعي وصليتُ وحدي ... فها أنا منكَ في طرَفَيْ نقيض
سقاكَ وجاد قبركَ صوبُ مُزْنٍ ... يشقّ ثَراه من روضٍ أريض
إذا استقرى الحَيا نحرتْ عليه ... عِشار المُزْن مرهقَة الوميض
وإن مسحتْ جوانبَهُ النُعامى ... أعيرَتْ نفحة المِسك الفضيض
فقدتُك والشّبابَ وريعَ فَوْدي ... بمرأى من مطالعِه بغيض
ألمّ بلمّتي وذؤابتَيْها ... فعوّضهُنّ من سودٍ وبيض
وقبلكَ ما انتحتْ عودي الليالي ... بنابٍ من نوائبها عَضوض
فما فوجئتُ ذا قلبٍ جزوعٍ ... ولا ألفيتُ ذا طرْفٍ غضيض
ولكن قائلاً يا نفسُ شُقّي ... غمارَ الموتِ مقدِمَة وخوضي
فما قعَد الأنام عن المعالي ... لعجزِهمُ وخان بها نهوضي
وما بلغ العَلاء كشمّريّ ... قؤومٍ بالذي يعني نَهوض
سأعمِلُها هملّعةً دِقاقاً ... تقلْقلُ في الأزمّةِ والعَروضِ
لها من كلّ مرقبَةٍ وفجٍّ ... هُوِيّ القِدْح من كفّ المُفيض
فإمّا أخمص فوق الثُريّا ... وإمّا مفرِقٌ تحت الحضيض
فأشقى النّاسِ ذو عقلٍ صحيحٍ ... يعودُ به الى حظٍ مريض
قال العماد:
ذكرته في من أورده أبو الصلت: ولم أورد شعره. ومما أورد له في كتاب الجِنان قوله:
كيف تُقْلى وأنتَ جنّةُ عدْنٍ ... من رآها ليس يصبِرُ عنها
غير أنّي لشَقوتي ليس عندي ... عمل صالح يقرّبُ منها
وقوله وقد طولب بمكس بضاعة من أبيات:
ولقد رجوْنا أن ننال بمدحكم ... رِفْداً يكون على الزّمان مُعينا
فالآن نقنَعُ بالسّلامة منكمُ ... لا تأخذوا منّا ولا تُعطونا
وله في رجل بالقيروان يعرف بشبيب يهوى غلاماً اسمه جيرون فلما كبر زوّجه ابنته فقال فيه:
لله درّ شَبيبٍ في تفسّدِه ... فقد أتى بدعةً من أعظم البِدع
حداهُ فرطُ الهوى أن ينكح ابنته ... فردّه الدّينُ والإفراطُ في الورع
فظلّ ينكحُ جيروناً وينكحها ... جيرون فهو يَنيكُ البنتَ بالقمع
الشيخ أبو الفضل جعفر بن الطيب
ابن أبي الحسن الواعظ
لم يقع إليّ أيضاً من نظمه شيء، وإنما أثبت اسمه من ديوان أبي الصّلت لما لقيه فشكا إليه الإجبال للضعف والكبر، فقال فيه أبو الصلت من قطعة:
إمامَ الهُدى رفِّهْ بدائِهَك التي ... بهرْتَ بها كلّ الأنام خِطابا
فإن يكُ عاصاك القريضُ فلم يُجبْ ... فقد طالما استدعيتَه فأجابا
ولا غرو أن خلّى عن النّزْع خاطر ... رمى زمناً عن قوسه فأصابا
ألستَ ترى الصّمصامَ لم ينْبُ حدّه ... عن الضّربِ إلا حين ملّ ضرابا
باب في ذكر جماعة وافدين إلى مصر
وغيرها من المغرب
أبو الحسن علي بن فضال القيرواني
المجاشعي النحوي
هو علي بن فضّال بن علي بن غالب بن جابر بن عبد الرحمان بن محمد بن عمرو بن عيسى بن حسن بن زمعة بن هميم بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع.
قرأت في مؤلف السمعاني أنه هجر مسقط رأسه، ورفض مألوف نفسه، وطفق يدرج بسيط الأرض، ذات الطول والعرض، حتى ألقى عصاه بغَزْنَة ودرّت له أخلافها، ووجد وجه الأماني طلقاً، واتفقت له عدّة تصانيف بأسامي أكابر غزْنة، سارت في البلاد، ثم عاد الى العراق، وانخرط في سلك الخدمة النظامية مع أفاضل الآفاق، وما حلَتْ له أيامه، حتى جُلب له حِماه، وذلك في ثاني عشرين شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وأربعمائة.