وولي طاشتكين، بعقد من الخليفة المستضيء، القاسم بن مهنا الحسيني أمير المدينة، مكة وجمع له بين الحرمين، ولكن القاسم رأى من نفسه - بعد ثلاثة أيام - العجز عن القيام بأمر مكة، فولي داود بن عيسى من جديد.
ويتداول داود ومكثر إمارة مكة، ويموت داود سنة ٥٨٥، وينفرد مكثر بالولاية، ويكون آخر الهواشم أو آخر دولة بني فليتة الهواشم، وينتزعها منه الشريف قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن الحسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد الثائر بن موسى الثاني.. في السنوات الأخيرة من القرن السادس سنة ٥٩٧ أو ٥٩٨ أو ٥٩٩. ويختصم قتادة مع صاحب المدينة سالم بن القاسم بن مهنا الحسيني وفي ذلك يقول قتادة:
مصارع آل المصطفى عُدن مثلما ... بدأن، ولكن صرن بين الأقارب
وتستمر ولاية مكة في بني قتادة إلى فترة متأخرة، حين يعزل الإنكليز آخرهم الحسين ابن علي بن محمد وينفونه إلى قبرص.
جمهرة الأنساب - عمدة الطالب - شفاء الغرام - خلاصة الكلام - طرفة الأصحاب - ابن الأثير - زامباور.
الحجاز وتهامة
شكر بن أبي الفتوح الحسني
زعيم مكة شرفها الله تعالى
وجدت في مجموع للسيد الإمام أبي الرضا فضل الله الراوندي مع ولده بأصفهان أنشدني الأمير ضياء الدين أبو محمد شميلة بن محمد بن أبي هاشم أمير مكة، بقاشان قال: أنشدني شكر بن أبي الفتوح الحسني زعيم مكة لنفسه:
وَصَلَتْني الهُموم وَصْلَ هَواكِ ... وجَفاني الرُّقاد مثلَ جَفاكِ
وحَكى لي الرَّسولُ أَنك غَضْبي ... يا كفى اللهُ شَرَّ ما هو حاكِ
[ابو محمد جعفر الحسني التهامي المكي]
قرأت في تاريخ السمعاني نسبه، يقول: هو أبو محمد جعفر بن محمد بن إسماعيل بن أحمد بن ناصر بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل ابن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، التهامي المكي، كان عارفاً بالنحو واللغة، شاعراً يمدح الأكابر لحصول البلغة، يصحب وفدهم، ويطلب رفدهم، وكان لا يرى أحداً في العالم فوقه، ويعتقد أنه ما وجد عالم في العلم ذوقه، وفي رأسه دعاو عريضة، تدل على أنها بالوساوس مريضة، قال السمعاني جرى يوماً حديث ثعلب وتبحره في العلم فقال: ومن ثعلب، أنا أفضل منه. دخل خراسان وأقام بها وعاد إلى بغداد وورد واسطاً، هكذا قول السمعاني، وتوجه إلى البصرة على عزم خوزستان وبلاد فارس ولا أدري ما فعل الله به وذلك في سنة نيف وثلاثين وخمسمائة. قال أنشدنا جعفر بن محمد بن إسماعيل التهامي المكي لنفسه ببغداد بالمقتدية:
أما لِظَلام لَيلي من صَباحِ ... أَما للنَّجْم فيه من بَراحِ
كأَنَّ الأُفْق سُدَّ فليس يُرْجَى ... له نَهْجٌ إِلى كُلِّ النَّواحي
كأَنَّ الشَّمسَ قد نسجت نُجوماً ... تَسير مَسير أَّْوادٍ طِلاحِ
كانَّ الصُّبْح مَنُفِيٌّ طَريدٌ ... كأَنَّ اللَّيْلَ باتَ صَريعَ راحِ
كأَنَّ بَناتِ نَعْشٍ مُتْنَ حُزناً ... كأَنَ النَّسْرَ مَكْسورُ الجَناحِ
خَلَوْت بِبَثِّ بَثّي فيه أَشكو ... إلى مَن لا يُبَلغِّنُي اُقتراحي
وكيف أَكُفُّ عَنْ نَزَوات دَهْري ... وقد هَبَّتْ رِياحُ الإِرْتياحِ
وإِنَّ بعيد ما أَرجو قريبٌ ... سيأَتي في غُدُوّي أَو رَواحي
وقال أَنشدني لنفسه:
مالي بما جَرَّ طرفي من جَنىً قِبَلُ ... كانت غَراماً لقلبي نَظْرةٌ قُبلُ
مادَلَّ ناشدَ شَوْقي دَلُّ غانِيةٍ ... ولا أَفادتْ فُؤادي الأَعينُ النُجُلُ
ولا دعاني إِلى لمَياءَ لَثْمُ لَمىً ... ولا أَطال وُقوفي باكياً طَلَلُ
وإِنّما الحُبّ أَعراضٌ إِذا عَرَضَتْ ... لعاقلٍ عاقهُ عن لُبِّه خَبَلُ
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم
الأسدي الحجازي
من أهل مكة