للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأت في كتاب المُذيّل للسّمعاني في التاريخ أنشدني عبد الرحيم بن الأخوة البغدادي بأصفهان، أنشدنا أبو محمد الحلبي لنفسه:

شرُفَتْ نفسُ كريمٍ ... هي للذل تُنافي

وتصونُ النَّفسَ عن تط ... لاب ما فوق الكفاف

قال وأنشدني لنفسه:

يا مَن كساني سَقاماً ... وجسمُه منه عار

رَضيتُ لو كنتَ ترضى ... فيه بذُلِّي وعاري

الرئيس جمال الملك

أبو غانم الحلاوي الحلبي

ممن ظرفاء المتأخرين، هو بالحقيقة حَلاويّ أهل الأدب، ذكره مجد العرب العامريّ لنا وأثنى عليه، وقال هو من أعيان المتأَدِّبين بالشام، ذو رياسة وكياسة، ورقَّة في الطبع وسلاسة، وحلاوة وطلاوة، وأدب غير مفتقر إلى علاوة، قال أنشدني لنفسه:

إنَّ الأعاريبَ الذين تحضَّروا ... وقَلَوْا مصاحبةَ الفضاء النّازح

لم يسكنوا ظِلَّ الجدار وإنّما ... هم بين غادٍ في القلوب ورائحِ

الأثير أبو المعالي

الفضل بن سهل الحلبي

شيخ بهيّ، له منظر شهيّ، لقيته ببغداد، وكان يستنشدني ما انظمه في زمان الصِّبا متعجِّباً به، مستغرباً له، وتوفي ببغداد سنة سبع أو ثمان وأربعين وخمسمائة. ومن شعره:

مُدْنَفٌ وصحتُه ... بَعْدكُمْ من العجبِ

بالعراق مسكنُه ... والطبيب في حلب

المُفدَّى الشامي

أنشدت له بيتاً واحداً، من شعرٍ له في مسلم بن قريش في عصره وهو على حصار حرّان، وهو:

بقيَّة صِفّين والنَّهروان ... فدونك ما سنَّ فيهم علي

نصر بن إبراهيم بن أبي الهيجا

البازيار الحلبي

ذكره لي وُحيش الشاعر، وقال ما معناه أنَّ مولد نصر ومنشأَه بدمشق، وكان لصبيان المكتب سائقاً، ثم صار معلّماً فائقاً، ثم صار شاعراً حاذقاً، مُجيداً في حلبة النَّظم سابقاً، وفي ذروة العلم سامقا، ثم عاد طبيباً حاذقا، رابح السوق نافقا، موفّقاً في كلِّ صنعة موافقا، وتوفي بها سنة اثنتين وأربعين، وقد بلغ السبعين.

وأنشدني من قصيدة له في مدح الوزير المزدقاني، وكان إذ ذاك وزير صاحب دمشق:

تجافى الكرى ونبا المَرقَدُ ... وقلَّ مُعينُكَ والمُسعدُ

لقد كنت أطمع في زَورةٍ ... من الطَّيف لو أنّني أَرقُدُ

وصفراء كالتِّبر كرخِيّة ... يطوف بها شاذِنٌ أَغيَد

جلا الصبح وهْناً بلألائها ... فصُبْحُ النّدامى به سرمد

وفي المستقِلّين رُعبوبةٌ ... بأَنوارها الرَّكبُ يسترشد

لقد كنتُ أجحدُ وَجدي بها ... فنمَّتْ جفوني بما أجحد

ومنها في المدح:

أيا ابن الّذين بنَوا في العُلى ... منازلَ من دونها الفَرقَدُ

وأحيَوا لمَن قهروا ذِكرَه ... فإن قيل أَفنَوا فقد خَلَّدوا

وأنشدني وُحَيش لنصر البازيار الحلبي من قصيدةٍ في مدح الرئيس المحيي بن الصوفي، عند فتكه بالباطنيّة في دمشق، وكان ذلك عصر يوم الأربعاء سابع عشر شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة:

أَطيف المالكيّة زار وَهْناً ... حماكَ الغُمْضَ أم داءٌ دفين

وفي العيس التي بكَرَت بُدورٌ ... تُرَنِّحُها على كُثُبٍ غُصون

وأنت تسومني صبراً جميلاً ... وهل صبرٌ إذا خفَّ القَطين

أَتلتمسُ العَزاءَ وقد بدا لي ... حبيبٌ ظاعنٌ ونوىً شَطون

وتأْمر أَن أًصون دموع عيني ... أفي يوم النّوى دمعٌ مَصون

لقد جنتِ العيونُ عليَّ حَتفاً ... أيا للهِ ما جنتِ العيون

ومنها:

عجبتُ لمَن يقيمُ بدار سوءٍ ... يَذِلُّ على الخُطوب ويستكين

نُسامُ الخسف بين ظهور قومٍ ... تساوى الغَثُّ فيهم والسَّمين

وما أهل العُلى إلاّ سيوفٌ ... ونحن لها الصّياقلُ والقُيون

ومنها في التخلُّص:

لِيَوْمِ الرَّوعِ سابغَةٌ دِلاصٌ ... ولِلتَّرحال شَوشاةٌ أَمون

وفي الآفاق مضطَرَبٌ فسيحٌ ... ولم تضِق السُّهولَةُ والحُزون

<<  <  ج: ص:  >  >>