ولي حبيب دنا لولا تمنعه ... وقد أقول نأى لولا تذكره
وله من قصيدة:
سطا أسدا وأشرق بدرتم ... ودارت بالحتوف رحى طحون
وأحدقت الرماح به فأعيا ... عليّ أهالة هي أم عين
وله:
مللت حمص وملّتني ولو نطقت ... كما نطقت تلاحينا على قدر
وسوّلت لي نفسي أن أفارقها ... والماء في المزن أصفى منه في الغدر
أما اشتفت مني الأيام في وطني ... حتى تضايق في ما عزَّ من وطري
ولا قضت من سواد العين حاجتها ... حتى تكر على ما كان في الشعر
وله يمدح أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين من قصيدة:
كم مقلة ذهبت في الغي مذهبها ... بنظرة هي شان أو لها شان
رهن بأضغاث أحلام إذا هجعت ... وربما حلمت والمرء يقظان
فانظر بعقلك إن العين كاذبة ... واسمع بحسك أن السمع خوّان
ولا تقل كل ذي عين له نظر ... إن الرعاة ترى ما لا ترى الضان
دع الغنى لرجال ينصبون له ... إن الغِنَى لفضول الهم ميدان
واخلع لبَوسَكَ من شُحّ ومن أمل ... لا يقطع السيف إلا وهو عريان
وصاحب لم أزل منه على خطر ... كأنّني علم غيب وهو حسان
أغراه حظ توخاه وأخطأني ... أما درى أن بعض الرزق حرمان
ومن مديحها:
إني استجرت على ريب الزمان فتى ... إن لا يكن ليث غاب فهو إنسان
حسبي بعليا عليّ معقلا أشبا ... زمان سربي به في الأمن إيمان
صعب المراقي ولكن ربما سهلت ... على المنى منه أوطار وأوطان
ومنها في صفة الخيل:
الواهب الخيل عقبانا مسوَّمة ... لو سوِّمت قبلها في الجوعقبان
من كل ساع أمام الريح يقدمها ... منه مهاة وإن شاءت فسرحان
دجنة نصف الأنوار غرتها ... ونبعة يدعي أعطافها البان
عصا جذيمة إلا ما أتيح لها ... من أمر موسى فجاءت وهي ثعبان
ومنها في صفة السيف:
هيم رواء لو أن الماء صافحها ... لزال أو زل عنها وهو ظمآن
يكاد يخلق مهراق الدماء بها ... فلا تقل هي أنصاب وأوثان
موتى فإن خلعت أكفانها علمت ... أن الدروع على الأبطال أكفان
نفسي فداؤك لا كفؤ ولا ثمن ... ولو غدا المشتري منها وكيوان
والتبر قد وزنوه بالحديد فما ... ساوى ولكن مقادير وأوزان
[الوزير أبو العلاء ابن صهيب]
وصفه بالاستيلاء في حلبة الذكاء على السباق، والاعتلاء على رتبة الأكفاء والاستحقاق، وإصابة سهم الفهم إلى المرئي الخفي، وإهداء هدى الفكر البكر من فضائل ذوي الفواضل إلى الكفؤ الكفي. وذكر أنه صحب أبا أمية وبه شقي، ولقي من الهوان عنده ما لقي، وائتلفا على مماذقة، وغير موافاة ولا موافقة، وزعم أن له فيه أهاجي لم ير إثباته وقد أورد من شعره في مدحه أبياته وهي:
ذكرت وقد نم الرياض بعرفه ... فأبدى جمان الطل في الزهر النضر
حديثا ومرأى للسعيد يروقني ... كما راق نور الشمس في صفحة الدهر
سريت وثوب الليل أسود حالك ... فشق بذاك السير عن غرة البدر
فلا أفق إلا من جبينك نوره ... ولا نقش إلا في أناملك العشر
حنانيك في بر النفوس لعلها ... تؤدي بلثم الكف عارفة البر
وعندي حديث من علاك علقته ... يسير كما سار النسيم على النهر
فيبلغ أقصى الأرض وهي عريضة ... ويهدي جَنِيّ النًّوْرِ من روضة الشعر
ففي كل أفق من حديثك عاطر ... يسير به لفظي ويطلعه فكري
ودونك مني قطعة الرّوض قطعة ... تحييك عن ودي وتنفح عن شكري
وله إلى ذي الوزارتين الكاتب أبي بكر ابن القصيرة:
كتبت على رسمي قبرّا بطالب ... رضاك وطولا من نهاك بأحرف