للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَو ما دَرَوْا لما رأَوْكَ مُحَكِّماً ... حَوَراً أَرَاهُ لَهُمْ أَعَدَّ حِمَاما

هل سلَّ أَحْوَرُكَ الأَحَمُّ حُسَامَهُ ... أم سَلَّ مملوكُ الإمام حُسَاما

مَلِكٌ رآهُ اللهُ أكرمَ عاملٍ ... عَمَلاً وأكرمَ سادةٍ أَعْمَاما

ولحسمهِ داءَ العصاةِ أعَدَّهُ ... لهمُ حساماً ما رأَوْهُ كَهَاما

عُمَراً دَعَوْهُ لِهَوْلِ مَطْلَعِه كما ... لكمالِ سُؤْدُدِهِ دَعَوْهُ عِصَاما

سامٍ عُلاَهُ على السِّمَاكِ مَحَلُّهَا ... وأكلَّ حصرُ حدودِها الأوهاما

وحُلاحِلٌ حُلْوٌ مُمِرٌّ حُوَّلٌ ... كالدهر صُوِّرَ واصلاً صَرَّاما

حَسَدَ الأَكاسرُ لو رأوه مُلْكَهُ ... حَسَداً أَعَارَ صُدُورَهُمْ آلاما

سهلٌ له عَسِرُ الأُمورِ وسَعْدُهُ ... المَحْروسُ أَدْرَكَ كلَّ أَمْرٍ رَاما

وسُطَاه صارعةُ الأَسُودِ معاً وما ... عَلِمُوهُ أَعْمَلَ صارماً صَمْصَاما

ولُهاهُ أَسْهَلُ ما أرَادَ مُؤَمِّلٌ ... وَعُلاه أَعْسَرُ ما أَراد مَرَاما

راعَ الأسُودَ له مَصَالةُ مُصْطَلٍ ... لو رامَ حَطَّمَ هَوْلُهُ الأَعْلاَمَا

ملأَ السهولَ مع الوعورِ صَوَاهِلاً ... وَصَوَارِماً وَعَواسلاً وَسِهامَا

وملوكُ أَهْلِ الدهر أَكرمُ رَهْطِهِ ... أَرْداهم حَدُّ الحُسَامِ كِراما

وهوَ المُصَرِّعُ كلَّ دارعِ لأَمَةٍ ... حَصْداءَ أُحْكِمَ سَرْدُهَا إِحْكَامَا

ولكم رعالٍ هدَّ ساعةَ كَرِّهِ ... ومُعَسْكَرٍ عَدَد الرمالِ أَهامَا

ولكمْ علومٍ ما أَطَاعَ مَرَامُهَا ال ... أَوْهامَ أُلْهِمَ سِرَّها إلهاما

ولكم رَوَاسٍ حَطَّ عُصْمَ وعُولِهَا ... سِحْرٌ دعَاهُ حاسِدوهُ كَلاَمَا

والمادحوهُ مَدْحُهُمْ مُهْدٍ له ... سُكْراً كما علَّ الكرامَ مداما

كم آمل لك راحَ مأمولاً وكمْ ... أَمَلٍ أَراه حَوْلَ وُدِّكَ حَامَا

وَكَلاكَ مَوْلاَكَ المُعِدُّكَ عُمْدَةً ... لهمُ كلاءَةَ عدلِكَ الإِسْلاَما

[بنو عرام]

شعراء الصعيد وشعرهم معسول من الصنعة مقبول الحلة.

منهم:

السيد أبو الحسن علي بن أحمد بن عرام

الربعي

شيخ من أهل الأدب مقيم بأسوان فوق قوص، ملك من الأدب الخلوص، ومن الشعر الخصوص، وعدم ظل فضله القلوص، وهجر في لزوم وطنه الرحل والقلوص. وسألت عنه بمصر سنة ثلاث وسبعين فقيل إنه حيٌّ في أسوان، وهو على حظه أسوان، وطلبت شعره فأحضر لي بعض أصدقائي من أهلها ديوانه، فوجدت عالياً في سماء السحر كيوانه، وجمعت شارد حسنه وألزمته صوانه، وغبطت عليه أسوانه، وجلوت بكر نظمه وعوانه، ووضعت لمأدبة أهل الأدب إخوانه خوانه، وأحضرت عليه ألوانه، فاحمد إذا حققت برهانه أوانه. وقد أوردت من جملة نظمه الفائق الرائق، ولفظه الرائع الشائق، ما إذا حسر سحر، وإذا أصحر أحصر، وإذا أنشد نشد ضالة الأماني، وإذا أقمر نور هالة المعاني، فلابن عرام في ميدان النظز عرام، وبابتكار المعاني الحسان غرام، ولرويته في إذكاء نار الذكاء ضرام، والملوك باصطناع أمثاله يقال لهم كرام، وكل سحرٍ وخمر سوى منسوج فدامه وممزوج مدامه حرام. اعجب، بحرٌ في الصعيد يقصد بالتيمم لمائه، ونجمٌ في صعود السعود لا يرتقى إلى سمائه. فمن ذلك أنه سأله ابن عمه أبو محمد هبة إجازة بيتٍ نظمه وهو:

هذه آدُرُ الهَوَى والهواءِ ... وَمَحَلُّ الغرام والغُرَمَاءِ

فقال:

كم ليالٍ نَعِمْتُ فيها بِخَوْدٍ ... فاتتِ البدرَ في السَّنَا والسَّنَاءِ

ذات جيدٍ كالريمِ حَلاَّهُ عِقْدٌ ... حَلَّ فيه بحلِّ عَقْدِ عَزَائي

وترشَّفْتُ من رُضابٍ بَرُودٍ ... فاقَ طَعْمَ السُّلافَةِ الصَّهْبَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>