فتى الصوفيّ ما كان امتداحي ... لمثلك أنّني أرجو ثَوابا
ولكني سخِطْتُ على القوافي ... فصيّرْتُ المديحَ لها عِقابا
وقوله في مرأة عجوز، ولِعَتْ بدولابْ الغزْل والغزْلِ:
قد ترك الدولابُ من حبّه ... سِتّ أبي بكرٍ بلا عقلِ
لو كن دولاباً على دِجلةٍ ... يزرعُ زرعَ الهرْفِ والأفْلِ
ما جاز أن تعشَقَهُ هكذا ... محبّة الأولادِ والأهلِ
فكيفَ والدولاب من عتقه ... مكسّرُ الإجلِ والقتلِ
قد سئِمَ الخرّاطُ من مرّه ... إليه واستغنى عن الغزْلِ
وقوله في الأولاد:
أدعو إلهي أنْ يَقي ... من فِتْنَتي في فِتيَتي
فلدى الحياةِ وفي المما ... تِ تقيّتي وبقيّتي
راحوا ثلاثةَ فِتيةٍ ... سمعي فؤادي مُقلَتي
فهُمُ أصاغِرُ عِدّتي ... وهمُ أكابرُ عُدّتي
وقوله، مما يُطرّزُ على سستجه:
أنا في كفّ حاملي ... زينةٌ للأناملِ
أنا في وقفةِ النّوى ... واشتكاءِ البلابِلِ
إن جرَتْ سُحبُ دمعةٍ ... لحبيبٍ مُزايِلِ
صُنتَهُ عن وُشاتِه ... وعُيونِ العواذلِ
وله في تفاحة أُهديت له:
حيّا بتُفّاحةٍ فأحياني ... مواصِلٌ بعدَ طولِ هِجران
كأنّما ريحُها تنفّسُه ... ولونُها وردُ خدِّه القاني
وقوله في قوس البُندُق:
أنا في الكفّ هلالٌ ... وعلى الطّيرِ هلاكُ
حركاتي تترُكُ الطّيْ ... رَ وما فيهِ حراكُ
وقوله في الشّطرنْج:
أحَبُّ دعاباتِ الرّجالِ الى قلبي ... دُعابةُ شِطرَنجٍ أغادي بها صحبي
أُسالمُ فيها ثمّ أغدو محارباً ... فسلْمٌ بلا سِلمٍ وحربٌ بلا حربِ
وقوله في الشطرنج:
إنّما لعبُك بالشط ... رنْجِ للنّفسِ رياضهْ
فاهجُرِ الهُجرَ لديهِ ... لا ترِدْ يوماً حِياضَهْ
وتجنّبْ صاحبَ الجه ... لِ ومَنْ فيه غضاضَهْ
لا تُجالِسْ غيرَ ندْبٍ ... زانَهُ العقلُ وراضَهْ
وقوله من قصيدة، في مدح أمير المؤمنين المستنجد بالله، وقد خرج الى الصّيد:
في حفظِ ربِّك غادياً أو رائحا ... ولك السّلامةُ دانياً أو نازحا
أنّى حللت فروضةٌ مخضرّةٌ ... مما تُفيدُ نوافلاً ومنائحا
لمّا غدوتَ الصّيدَ في ملمومةٍ ... ملأ الفضاءَ قوانساً وسوابحا
جرتِ الظِّبا لك للعداة سوانحاً ... وجرت لأنفسها الظِّباء بوارحا
ما جارحٌ أرسلتَهُ إلا غدا ... في الصّيدِ إمّا قاتلاً أو جارحا
ماضي القوادم كاللهاذمِ لو بغَى ... سبْقَ الوَميضِ شأى الوميضَ اللائحا
أو كلّ ممشوق رشيقٍ لا ترى ... منه الوحوشُ إذا رأته منادحا
يجري فلا يدري بوطأته الثّرى ... فتخالُه ريحاًعليه رائحا
متوسّعُ الشِدْقيْنِ ضاق بعدْوِه ... وُسْعُ الفَلاةِ جرى عليها جامحا
أصبحتَ في جِدِّ الحروبِ وهزلِها ... متوحّدَ الإقدامِ فيه ناجحا
فاسْلَمْ أميرَ المؤمنين لأمّةٍ ... أحييتَها عدلاً وفضلاً راجحا
وهو مقيم ببغدادَ، يتولّى بعض الأشغال للخليفة.
تمّ الجزء الأول بعون الله ومنّه من خريدة القصر وجريدة العصر للعماد الأصفهاني رحمه الله يتلوه، في الجزِء الثاني، إن شاء الله تعالى باب في محاسن أهل العلم والأدب والفقه والشّعر، وأولهم الشيخ أبو محمد بن الخشّاب النحويّ، والحمد لله وحدَه، وصلواته على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلامه
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الإعانة
باب في ذكر فضائل جماعة من أعيان سواد بغداد
وأعمالها شرقيها وغربيها
منهم:
السديد أبو نصر محمد بن أحمد
بن محمود الفروخي الكاتب الأواني