كرامة، الممدوح، هو: كرامة بن المنصور بن الناصر بن علّناس بن حماد صاحب القلعة، وما سمع في الفوّارة أحسن من قول علي بن الجهم:
وفوارة ثأرُها في السّما ... فليستْ تُقصّرُ عن ثارِها
ترُدّ على المُزْنِ ما أسبلتْ ... الى الأرض من صوْبِ مِدْرارِها
وله:
أخي كم تجمّعْنا مِراراً وضمّنا ... على الناس شمل بعد أن يتصدّعا
فإن كان من فعلِ الليالي ودأبها ... فلا تأسُ إن فرّقتَ أن نتجمّعا
وله:
إيّاكَ من حتْفٍ يُسيمُ بطُرّةٍ ... من حاسر في حُسنِه مستلئِم
فمصارعُ العُشّاق بين جُفونِه ... انظرْ تجدْ في خدّه أثرَ الدّم
علي بن اسماعيل القلعي المعروف ب
الطميش
من الواردين على مصر من أهل العصر، وله حين قتل ابن الأفضل أبو علي بعد حبسه المدعوّ الحافظ وإلقائه في نفوس شيعته بذور الحفائظ وإقصابه مِياجَهُم في مغائظ المفائظ واستيلائه على المملكة سنةً يدعو الى القائم المنتظر، ونقش اسمَه على الذهب الأحمر، ثم احتيل عليه فاغتيل وحان القبيل فكان القتيل، وأعيد الحافظ بعد ضياعه، وأذن ذلك بتأهيل رباعه، وتطويل باعه. فنظم الطميش فيه قصيدة منها - وقال ابن الزبير هي منسوبة إليه مما ادعاها -:
ولا بدّ من عزْمٍ يخيِّلُ أنّني ... قدحْت على الظلماء من ندْزِه فجرا
يجوبُ ظلاماً كالظّليم إذا سرى ... إذا جنّ جوْن كان بيضته البدرا
وليل صحبتُ السّيفَ يُرعدَ حدّه ... وقد شاب فيه مفرِق الصّعدةِ السمْرا
حملتُ به درعي وسيفي وإنّما ... حملتُ غديرَ الماء والغُصنَ والنّهْرا
وأشْقر وردُ اللون لولا انتسابُه ... الى البرقِ سيراً خلتُه المسك والهجرا
الى أن بدا وجهَ الصّباح كأنّه ... لحافظِ دين الله آيته الكبرى
أستغفر الله من ذلك، فإنّه لم يكن حافظاً، وإنما كان مضيّعاً. ومنها:
وقد كان دينُ الله بالأمس عابساً ... لجرّاهُ حتى لاحَ في وجهه بِشرا
وكان عليّاً حين كان الذي طغى ... معاوية والحارثيّ له عَمْرا
والحارثي كان من أعوانه. أخذه من ابن شرف حيث يقول:
مالي يُعاقبُني الزمانُ وليس لي ... ذنب كأنّي عَمْرو المضروب
ما كان أولاني بحُكمِ المُبْتَدا ... في النّحو لو أنّ الزّمانَ أديب
وله من قصيدة أخرى تجري مجرى الأولى:
زارَ الحبيبُ فلم يزُرْني غيهَب ... إنّي وقد لبس الذّوائب غيْهَبا
وكأنّها الظّلماءُ قد جُعِلتْ على ... بحر ... من السّحائب طحلبا
حكمَتْ على دمِه سيوفُ بُروقِه ... أنْ لا يُصان وأن يُراق ويُسكَبا
يستقبلُ الرّوضاتِ ماءً جارياً ... فيعودُ درّاً في الغصون مركّبا
ومنها في المديح:
...... برعْي الكلا ... حتى تراهُ بالدّماء مخضّبا
وتعافُ وِردَ الماء حتى تشْتكي ... وجناتُه بدمِ الأعادي طُحلُبا
من قصيدة منسوبة إليه:
... لكم وِداً ودمْتُم على الجفا ... ويزدادُ حُباً كلّما زدتُمُ قِلَى
ولو كان سقماً في الهوى من رضاكُمُ ... لما اخترتُ عنه ما بقيتُ تنقّلا
وزَنْتُ مماتي بالبقا عند غيرِكُم ... فألفيتُ موتي عندكم ليَ أفضَلا
[الفقيه أبو محمد عبد الله بن سلامة]
أصله من بجاية، ومقامه بالإسكندرية، ثم مصر، والصعيد، والريف، وهو القائل:
لي حرمةُ الضّيف لو كُنتم ذوي كرم ... وحرمةُ الجارِ لو كنتم ذوي حسبِ
لكنّكم يا بني اللّخناءِ ليس لكُم ... فضلٌ ولا أنتمُ من طينة العربِ
كم لا أزالُ على حالٍ أساءُ بها ... منكم وأغضي على الفحْشاء والرّيب
لأترُكنّ لكم أرضاً بكم عُرِفتْ ... فأخبثُ البومِ يأوي أخبثَ الخِرَبِ
وما مُقامي بأرضٍ تسكنون بها ... منّي يطيبُ ولكن حرفة الأدبِ
علي بن يقظان السّبتي