للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد موته استقلت السيدة أروى بدولة آل الصليحي، فتحصنت بما تملك من معاقل، وتولت ما كانت تحكم من حصون، وأقامت لها وزراء وعمالاً، واستطاعت ان تطيل حكم الصليحيين أربعين سنة بعد أن كاد يضعف أمرهم، كما استطاعت خلال حياتها الطويلة التي امتدت ٨٨ سنة أن تربط بتاريخ حياتها تاريخ حياة اليمن فقد تزوجت المكرم أحمد كما رأيت وكانت وراء الأحداث الكبيرة في حياته لأنها أعملت الحيلة في قتل سعيد الأحول وأسر امرأته أم المعارك بلوغ المرام ٢٦ وبذلك ثأرت لأبيه الداعي علي الذي قتله سعيد ولأمه أسماء بنت شهاب، ثم تزوجت بالأوحد سبأ. وكانت تحكم اليمن من وراء حجاب، ترفع إليها الرقاع، ويجتمع عندها الوزراء، ويدعى لها على منابر اليمن فيخطب أولاً للمستنصر الفاطمي ثم للصليحي ثم للحرة فيقال: اللهم أدم أيام الحرة الكاملة السيدة كافلة المؤمنين..

ثم انفردت بالحكم بين السنتين ٤٩٢ و٥٣٢ فلما ماتت انقضى حكم الصليحيين في اليمن وآل أكثر ملكهم الى بني زريع.

وهي السيدة أروى بنت أحمد بن جعفر بن موسى وموسى أحد إخوة الداعي الصليحي الأول علي، ومنهم عبد الله، وإبراهيم.

لها في اليمن مآثر منها الجناح الشرقي بجامع صنعاء، وجامع ذي جبلة الكبير الذي دفنت فيه.

والصليحي نسبة إلى الأصلوح من بلاد حراز كما في بلوغ المرام، ولكن ابن خلكان يقول لا أعرف هذه النسبة إلى أي شيء هي والظاهر أنها إلى رجل.

وهنالك كثير من الخلافات والروايات حول تحديد بعض السنوات تجاوزنا عنه.

وفيات الأعيان - الأعلام - بلوغ المرام - طبقات فقهاء اليمن - تأريخ المستبصر - شذرات الذهب - المقتطف من تاريخ اليمن -.

أبو عبد الله الحسين بن علي القمي

ابن القم

مولده بزبيد، المعروف بابن القم من أهل اليمن، من شعراء العصر الأقرب عصره متقدم، وكان معاصر ابن سنان الخفاجي أو بعده بقريب، وكان الأمير المفضل نجم الدين أبو محمد ابن مصال ينشدني شعره ونحن على الخيل سائرون إلى بعلبك تحت رايات الملك الناصر صلاح الدين يوسف في آخر شعبان سنة سبعين فذكر أن ابن القم سمع بيتاً لابن سنان الخفاجي قد ابتكر معناه، وقد أحسن صياغة مغزاه، وهو:

طوْيتُ إِليك الباخلين كأَنني ... سَريْتُ إِلى شَمس الضُّحَى في الغَياهِبِ

وقيل هذا البيت لابن سنان الخفاجي من جملة قصيدته:

وفيكُم رَوَى النّاسُ المَديحَ ومِنكمُ ... تعلَّمَ فيه القومُ بَذْلَ الرَّغائب

فَدَعْني وصِدْقَ القوْلِ فيك لعلَّه ... يُكَفِّرُ من تلك القوافي الكَواذِب

وما كنتُ لمّا أَعرضَ البحرُ زاخِراً ... أُقَلِّبُ طَرْفي في جَهام السَّحائب

فقال من قصيدة يذكر فيها أنه مدح الممدوح فأجاز شعره، وأجازه وفره:

ولمّا مَدحْتُ الهِبْرِزِيّ ابنَ أَحمدٍ ... أَجازَ وكافاني عَلَى المَدْح بالمَدْحِ

فَعَوَّض عن شِعْري بشعرٍ وزاد في ... عَطاه فهذا رأْسُ مالي وذا رِبْحي

لفظتُ مُلوكَ الأَرضِ حتى رأَيتهُ ... فكنتُ كَمَنْ شقَّ الظَّلامَ إِلى الصُّبْح

ولم يقصر في هذا المعنى لم يبلغ رتبة ابن سنان فيه.

ومما أنشدنيه أيضاً له من قصيدة مطلعها:

سَرى طَيْفُ سُعْدى بعدما هَجَع الرَّكْبُ ... ونَجْمُ الثُّرَيّا قد تَضَمَّنَهُ الْغَرْبُ

وليس الرَّدى ما تفعلُ الْبِيضُ والْقنَا ... ولكنَّه ما يفَعلُ الصَّدُّ والحُبُّ

يُكَلِّفُني العُذّال حُبَّ سِواكُمُ ... وسَلْوَتَكُمْ حتى كأَنَّ الهوى غَصْبُ

ومنها في المخلص وقد أحسن:

وما يلتقي صِدْقُ الوِداد وطاعةُ الْ ... عَذولِ ولاكفُّ ابنِ أَحمدَ والْجَدْبُ

كريمٌ إِذا جادَتْ فواضِلُ كَفِّه ... تيقَّنْت أَنَّ البخل ما تَفعلُ السُّحْبُ

ومنها:

أَجارَ فلا خَوْفٌ وأَحْيا فلا رَدىً ... وجادَ فلا فَقْرٌ ورام فلا صَعْبُ

ويُثْني عَلَى قُصّادِه فكأَنَّه ... يُجادَ بما يُجْدي ويُحْبي بما يَحْبُو

ومنها وقد أحسن أيضاً:

كتبتُ إِليه والمَفاوز بيننا ... فكان جوابي جُودُ كَفَّيْه لا الكُتْبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>