للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس عجيباً شُكرُهُمْ لك بعد ما ... فَضِلَتْ عليهم بالنَّدى وهمُ هُمُ

وما زلتَ فيهم مُذْ وَلِيتَ عليهمُ ... تُفِذُّ أياديكَ الجِسام وتُتْئمُ

وكم ليلةٍ فيها سهرتَ لحفظِهمْ ... وهم عنكَ في خَفضٍ من العيش نوَّمُ

نشرتَ لواءَ العدل فوق رؤوسهم ... فما كان منهم مَن يُضامُ ويُظلَمُ

لقد عظُمَتْ بالرّغم فيك مصيبتي ... وإنَّ صوابي لو صبرتُ لأعظمُ

وكيفَ أُرَجّي الصَّبرَ والقلبُ تابع ... لأمر الأسى فيما يقول ويحكم

وما الصبرُ إلاّ طاعةٌ غير أَنَّه ... على مثل رزئي فيك وِزرٌ ومّأْثَمُ

وإنّي أرى رأْيَ ابنَ حمدان في البكا ... أَصاب سواءَ الحقِّ واللهُ أعلمُ

أرَدِّدُ في قلبي مع النّاس نظمَه ... وفي خَلوتي جهراً به أترنَّمُ:

" سأَبكيكَ ما أَبقى ليَ الدَّهرُ مُقلةً ... فإنْ عَزَّني دمعٌ فما عزَّني دَمُ

وحُكمي بكاءُ الدهر فيما ينوبُني ... وحكمُ لبيدٍ فيه حَوْلٌ مُجرَّمُ "

سقاكَ مُلِثٌّ لا يزال أَتِيُّهُ ... كجودكَ يُغني كلَّ فجٍّ ويُفعِمُ

وجادَكَ من نَوء السِّماكَيْن عارِضٌ ... يُرَوِّضُ أَنماطَ الثَّرى

ولي عن سؤال السُّحْبِ تَسقيكَ غُنيَةٌ ... بدمعيَ لولا أَنَّ أكثرَه دَمُ

لقِيتَ من الرَّحمن عَفواً ورحمةً ... كما كنت تعفو ما حييتَ وترحم

عليكم سلامٌ أهل جلّق واصلٌ ... إليكم يُواليه وِدادٌ مخيِّمُ

سلامٌ كنشر الرَّوض تحمله الصَّبا ... سُحَيراً، وثغر الصبح قد كاد يبسمُ

سأشكركُمْ جهدي على القرب والنّوى ... وأُثني عليكم إن حضرتُمْ وغِبتُمُ

وأُوصيكمُ بالجار خيراً فإنَّه ... يَعِزُّ على أهل الوفاء ويكْرُمُ

تاج الدين يحيى بن عبد الله بن القاسم

الشهرزوري

أخو كمال الدين، كان ذا فضلٍ متَفَنِّنٍ، وعلمٍ متمكِّنٍ، وحكمةٍ مُحكمة، وفقْرَةٍ مُغتَنَمة، ونُكتَةٍ بديعةٍ، وكلمةٍ صنيعةٍ، له المقطوعاتُ، المصنوعات المطبوعات، توفي سنة ستٍّ وستّين، ذكره لي علم الدين الشاتاني، قال: فُصِدْتُ يوماً فغلِط الفصّاد وأنفذ في عِرقي مِبضعَه، وقطعه، فكتبت إليه قصيدةً طويلة منها:

اسْمَعْ مَقالةَ شاكٍ ... مِن زَحمة العُوَّادِ

جارَ الطَّبيبُ عليه ... لا زال حِلف السُّهاد

بطعنةٍ قد تعدَّتْ ... إلى صميم الفؤاد

حَشْوُ المَضاجِعِ منها ... باللَّيْلِ شوكُ القَتادِ

قال: فأجابني تاج الدين الشهرزوري بقصيدة طويلة منها:

حُوشِيتَ يا علَمَ الدِّي ... نِ يا فتى الأمجادِ

ممّا يسوءُ مَوالي ... كَ أو يسُرُّ الأعادي

ولِلْعِدى ما جنتْهُ ... شَلَّتْ يَدُ الفَصّادِ

حوَيْتَ وحدَكَ فينا ... فضائلَ الآحاد

تضاعفَتْ فيك حتى ... جلَّتْ عن التَّعداد

فأَلْفَ أَحنفِ قيسٍ ... تُرى وقُسِّ إياد

وأَلف حاتمِ طيٍّ ... والجودُ للقُصّاد

يا مَن أقامَ نِداهُ ... في كلِّ نادٍ يُنادي

إلى جزيل العطايا ... منه وغُرِّ الأيادي

يا مُشبِه ابن هلالٍ ... في خطِّه والسَّداد

يا مُوردَ البيض حُمْراً ... في كلِّ يومِ طِرادِ

أَلِيَّةً بالحوامي ... م بعدَ طه وصادِ

وبالنَّبيِّ الذي جا ... ءَنا بسُبْلِ الرَّشادِ

لأَنْتَ من خالص القلْ ... بِ في صميم الفؤاد

وأنتَ أشهى إلى العَيْ ... نِ من لذيذ الرُّقادِ

وأنشدني ضياء الدين ولده أَبياتاً له على وزن بيت مهيار:

<<  <  ج: ص:  >  >>