ابن الحسن الوزير الدمشقي حافظ من أصحاب الحديث وذكره السمعاني في المذيل، وقال: كان متودداً مطبوعاً، حسن العشرة، دمث الأخلاق، سافر إلى أصفهان، ومنها إلى نيسابور، ومرو، وبلخ، وهراة، وغزنة، وبلاد الهند، وسمع الحديث. قال: وسألته عن مولده، فقال: خامس صفر سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، وتوفي بمرو سابع المحرم سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
قال السمعاني: أنشدنا لنفسه:
يا سادتي ما عاقني عنكمُ ... قِلىً، ولكنْ قِلَّةُ الكُسْوَهْ
بردٌ وثلجٌ ووُحولٌ ولا ... خُفّ ولا لِبْد ولا فَرْوَهْ
فكيف مَن أَحواله هكذا ... بمَرْو في بُحْبوحَةِ الشَّتْوَهْ
وأنشدنا لنفسه بمرو:
ذكَّرتْني حَمامةُ المَرْوينِ ... حين ناحت لياليَ النَّيْرَبَيْنِ
ورماني صرفُ الزمان ببَيْنِ ... فرَّقَ الله بين بَيْني وبَيْني
قال وأنشدنا أبو بكر لامع بن عبد الله الصائغ بمرو، وأبو بكر محمد بن علي بن ياسر ببلخ، قالا: أنشدنا الحسن بن مسعود الحافظ لنفسه:
أَخِلاّيَ إِن أَصبحتُمُ في دياركمْ ... فإِني بمرو الشّاهِجان غريبُ
أَموت اشتياقاً ثم أَحيا بذكركم ... وبين التّراقي والضُلوع لهيب
فما عجبٌ موتُ الغريب صَبابةً ... ولكن بقاه في الحياة عجيب
[المؤتمن الساجي]
من أصحاب الحديث هو المؤتمن بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبد الله الشافعي المقدسي، من أهل بيت المقدس. سكن بغداد. وهو حافظ معروف كبير من أصحاب الحديث.
قرأت في تاريخ أبي سعد السمعاني ببغداد يقول: سمعت عبد الله بن أحمد الحلواني بمرو يقول: سمعت والدك أبا بكر السمعاني يقول: ما رأيت بالعراق من يعرف الحديث ويفهمه غير رجلين، المؤتمن الساجي ببغداد، وإسماعيل بن محمد بن الفضل بأصفهان.
وسمعت أنه توفي ثامن عشر صفر سنة سبع وخمسمائة.
وله مقطعات من الشعر. قال: قرأت بخط أبي بكر محمد بن علي بن فولاذ الطبري.
أنشدنا المؤتمن الساجي لنفسه:
وقالوا كُنْ لنا خِدْنا وخِلاًّ ... ولا والله أَفعل ما يشاءوا
أُحابيهم بكُلّي أَو ببعضي ... وكيف وَجُلُّهم نَعَمٌ وشاءُ
قال: وقرأت بخطه، أنشدنا المؤتمن لنفسه:
يا ربّ كن ليَ حِصْناً ... عند انثلام الحُصون
فقد حَفِظْتَ كثيراً ... فوقي ومِثلي ودوني
[أبو المعالي المقدسي]
ليس من أصحاب الحديث، ولم يكن في زماني، واتفق ذكره ها هنا.
وله في الورد:
ووردةٍ غضّة القِطاف لها ... والليلُ بادي الظلام، أَنوارُ
كأَنّها إِذا بدت تُغازلني ... وجهُ حبيبٍ عليه دينار
وله:
بكا على ما كان من مَردتِهْ ... بكاءَ داوُودَ على زَلَّتِهْ
من يكن العِزُّ له في أستِه ... فذُلُّه بالشَّعر في لحيته
[القاضي شمس الدين أبو عبد الله]
محمد بن محمد بن موسى يعرف بابن الفراش. من أهل دمشق، كبير المحل، كثير الفضل، صحيح العقد، رجيح العقل، مشمول الشمائل حلوها، مقبول الفضائل صفوها، جامع بين علم الأحكام والحكم، صانع في ترصيع البديع من الكلم، قد غلب عليه الوقار، وكأن كلماته يعصر منها العقار.
كان قاضي العسكر في آخر عهد نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله بالشام إلى أن مضى لسبيله، وفاز في الخلد بسلسبيله.
وولاه الملك الناصر صلاح الدين في دولته أمانة خزانته، وقرره على قضاء عسكره، وخاصته. وما زلنا ي الأيام المنورة النورية قرينين في المخيم، وقريبين في المجثم، وحلفي مجاورة، وإلفي محاورة، نتفق ولا نفترق، ونأتلف ولا نختلف، وأقتبس من نطقه وصمته، وأستأنس بخلقه وسمته، ونتواسى في المعيشة كالشقيقين الشفيقين، ونتساوى في العيشة كالصديقين الصدوقين، وهو أصدق من خطب إلي صداقته، وجعل صداقها صدقه، وأسبق من جرى في حلبة الوفاء فأعطى الكرم حقه، ما كسبت فيي الشام غيره، ولا حسبت إلا خيره، وما لقيت من لم ألق سوءه سواه، ولا ألفيت شرواه، وله في كل فن من العلوم يد قوية، وفكرة في النظم والنثر سوية، وقريحة في إبداع القافية والروي روية.
ومما أنشدنيه من شعره: