كان من فقهاء الفضلاء، ويعدّ من الشعراء النّبلاء، حسن الكلام فصيحه، ظريف النّظم مليحه، مستقيم اللفظ صحيحه، قرأت في مؤلف السّمعاني أنّه ورد بغداد وأقام مدة في المدرسة النّظامية في حدود سنة خمسمائة أو قبلها، ثم خرج الى خُراسان، وسكن بمرو الرّوذِ الى أن توفي في حدود سنة ست عشر وخمسمائة، قال: أنشدني ولده أبو محمود سالم، قال: أنشدني سيدي أبو محمد بن بهلول لنفسه:
ومهفهفٍ يختالُ في أبرادِه ... مرح القضيبِ اللّدْن تحت البارِحِ
أبصرتُ في مرآةِ فكري خدّه ... فحكيتُ فعلَ جفونه بجوارحي
ما كنتُ أحسبُ أنّ فعل توهّمي ... يقوى تعدّيه فيجرحُ جارحي
لا غرْوَ أن جرحَ التّوهمُ خدّهُ ... فالسّحر يعملُ في البعيد النّازحِ
وقال: أنشدنا سالم، أنشدني والدي أبو محمد بن بهلول لنفسه، مما يخاطب به ممدوحه:
أيا شمسُ إنّي إن أتتْكِ مدائحي ... وهنّ لآلٍ نُظّمتْ وقلائدُ
فلستُ بمن يبْغي على الشّعر رشوةً ... أبى ذاك لي جدّ كريم ووالدُ
وإنّي من قومٍ قديماً ومُحدَثاً ... تُباعُ عليهم بالألوف القصائد
وقال: سمعت سالم بن عبد الله بمرو الرّوذ يقول: لمّا دنا أجل سيدي أبي محمد بن بهلول الأندلسي، وكان مريضاً، أنشأ هذه القطعة عشيةً:
خليليّ لو أبصرتُماني وقد جنى ... عليّ الضّنى ما كنتما تعرِفانيا
خليليّ لو غيرُ الذي بي أضرّني ... لكنتُ أعانيه بعلمي وماليا
ولكنّما أشكوهُ وجْدٌ مبَرّح ... ألا إنّه أعيا الطبيبَ المُداويا
إذا سألوه قال قولَ معلِّلٍ ... وإن كان يدري أنّه غيرُ ما بيا
فهل لمُحبٍّ قد تناءى حبيبُه ... بشيءٍ سوى وصل الحبيب تداويا
أيا رَبّ فارجعني بخيرٍ معجَّلاً ... الى خيرِ دارٍ ظل فيها شِفائيا
هذا شعر أضعفه مرض قائله، ولا بأس به.
أبو محمد عبد الله بن عيسى بن عبد الله
ابن أبي حبيب الأندلسي
من بيت العلم والوزارة، قرأت في مصنّف المعاني يقول: ولي القضاء بالأندلس مدة بكورة، يقال لها كورة منجة، من غرب الأندلس، ثم خرج منها على عزم الحج، وجاور بمكّة سنةً، ثم قدم العراق، وأقام ببغداد مدة، ثم أوى الى خراسان، وتوفي بهرات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وأنشدنا لنفسه:
تلوّنتِ الأيامُ لي بصُروفِها ... فكنتُ على لونٍ من الصبرِ واحدِ
فإن أقبلتْ أدبرتُ عنها وإن نأتْ ... فأهوَنُ مفقودٍ لأكرمِ فاقِدِ
قال، وأنشدنا أبو محمد بن أبي حبيب الأندلسي لنفسه:
قد غدا مُستأنِساً بالعلمِ مَنْ ... خالطَتْهُ روعةُ المَها بِهِ
لا ينالُ العلمَ جسم رائح ... حُفَّتِ الجنّةُ بالمَكارِه
جماعة من أهل المغرب
الشيخ أبو علي الطليطلي المغربي
متبحر في جميع العلوم، ذو فنون، كلامه فيها كلؤلؤ مكنون، لم يسمح الدهر بنظيره، وافر العلم غزيره، مشرق الفضل منيره، ذكره القاضي البرهان أبو طالب النحوي عند وصوله في خدمة الوزير عون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة الى واسط لما انحدر السّرادق الشريف المقتفوي الى العراق في رمضان سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وكنت نائباً للوزير بواسط في أسبابه فتقدّم إليّ بمقام أبي طالب النحوي عندي الى حين العود من العراق، وكنا نتجارى في العلوم مدة مقامه وأقتبس من كلامه، فذكر يوماً أبا عليّ الطليطلي وأثنى على فضله، وقال: لا يجود الزمان بمثله.
وقال أنشدني الشيخ أبو علي لنفسه:
قد مللتُ العيشَ في دارِ دُنيا ... حُلوُها مُرٌ فما إنْ تُمَلُّ
وأرى دينيَ فيها عِياناً ... كلّما أكثرتُ منها يقِلّ
كلما زادتْ يزيدُ انتِقاصاً ... فإذنْ لو كمُلتْ يضمَحِلّ
[جماعة مدحوا عميد الدولة بن جهير]
في الأيام المقتدية والمستظهرية من أهل المغرب
الأديب أبو الحسن
علي بن محمد المغربي القيرواني
تلميذ الشيخ أبي إسحاق الشيرازي رحمة الله تعالى عليه.