تحجب الكلَّةُ منه قمراً ... ويحوزُ الدرع منه أَسَدا
قمرٌ إن هزَّ رمحاً في الوغى ... هزَّ من عطفيه غصناً أَملدا
ليْتَهُمْ إذ منطقوا أَعطافَهُ ... بالثريا قلَّدُوه الفرقدا
طافَ بالراح التي لم تَدَّرِعْ ... بحسام المزج إلا زَبَدَا
فَعَلاَها دُرُّهُ ياقوتةً ... ذاب سقماً جسمها فاطَّرَدَا
ومنها في المديح، وقد أفضى به الغلو إلى الكفر الصريح:
صِرْفُ جِرْيالٍ يرى تحريمها ... من يرى الحافظَ فَرْداً صَمَدَا
بَشَرٌ في العينِ إِلا أنَّهُ ... من طريقِ العقل نورٌ وهدى
جلَّ أن تدركه أعيننا ... وتعالى أن تراه جَسَدا
فَهْو في التسبيح زُلْفَى راكعٍ ... سَمِعَ الله به من حمدا
تدركُ الأفكارُ فيه نبأً ... كادَ من إجلاله أن يُعْبَدا
واقتصرت على هذه أنموذجاً لشركه، وأخرت الباقي من سلكه؛ وأنشدت له مطلع قصيدة:
عوجا بمنعرج السفحين أو رُوحَا ... فقد قضى مَرْبَعٌ كنتم له روحا
وللشريف الأخفش من قصيدة يمدح فيها الشريف القاضي المفضل إمام ابن حيدرة بن علي قاضي بلبيس كان وأولها:
لنجرانَ، فالبرقُ الحجازيُّ أَبْرَقَا ... وعُسْفانَ، فالمُزْنُ اليمانيُّ أودقَا
ومن جملتها:
شريفٌ يدُ الشرعِ انتقتْ منه قاضياً ... فكان لهذا الدين أفضلَ مُنْتَقَى
خلائقُهُ في العدلِ تُرْضَى وتُرتجَى ... وسطوته في الحقِّ تُخْشَى وتُتَّقَى
إذا ما تَعَدَّى ماردٌ لسمائه ... أَعدَّ له نجماً من القَذْفِ مُحْرِقَا
يُثَبتُ مَنْ لَمْ يَرْقَ في ذروة العُلاَ ... ويَدْحَضُ عن عَرْشِ المعالي مَنِ ارْتَقَى
وسبَّاقُ غاياتٍ بإِبطاءِ وَثْبَةٍ ... ولم يُبْطِ بالتثبيت إلا ليسبقا
هو الغيث يَمِّمْهُ إذا كان مُمْطِراً ... وخُذْ حذراً منه إذا كان مُصْعِقا
وما اصفرَّ لونُ التبرِ عند اجتماعه ... بكفيه إلا خيفةً أن يُفَرَّقا
وآخر هذه القصيدة:
فلا طَمَحَتْ بي نحو غيركَ عَزْمَةٌ ... ولا بابٌ منك دونِيَ مُغْلَقَا
ومن شعراء بني رزيك:
الخطيب المفيد أبو القاسم هبة الله بن بدر المعروف ب
ابن الصياد
وجدت له في مجموع ما ألفه الجليس بن الحباب في شعراء ابن رزيك والمداح فيه، من قصيدة أولها:
بسمعي عن التَّعذَالِ فيك تَصامُمُ ... فجهديَ عِصْيَانِي إذا لامَ لائِمُ
منها يصف عدوه:
ولما رأَى الغَدَّارُ قُرْبَ حلولهِ ... تيقَّنَ أن الموتَ ما منه عاصمُ
ولو كان ذا حَزْمٍ لما حَامَ قبل أن ... يرى الخيلَ بل من قبلِ تبدو الصوارم
أمستخبرٌ هَل من قَدَارٍ لريشةً ... على هزِّ بحرٍ مَوْجُهُ متلاطم
وله فيه من قصيدة:
كأنَّ اختطافَ الهامِ عندكَ بِالظبا ... ابتهاجاً به يومَ الوغى ثَمَرٌ يُجْنَى
غداةَ جعلتَ البيضَ أَغمادها الطُّلاَ ... وخَيْلَ العِدَا تُقْنَى وسُمْرَ القَنَا تَقْنَا
وله من قصيدة يذكر فيها قتله أرناط مقدم خيل الفرنج:
عنْ سيفِ دين الله سلْ أَرناطا ... حيثُ المنية كاسُها يُتَعَاطى
والمشرفيَّةُ قد حَكَتْ في جيشهِ ... في العَلِّ والنَّهَلِ القَطَا الفُرَّاطا
قد شام طيرُ الكفرِ منه مِنْسَراً ... أَشْغَى وعاينَ مِخْلباً عَطَّاطا
هو مُلْبِسٌ جُثَثَ العِدَا في الحربِ مِنْ ... حُلَلِ النجيعِ مجاسداً ورياطا
فجيادُهُ تشكو مزاحمةَ القَنَا ... وتردُّ خِرْصَان الرماحِ سياطا
هو فارسُ الإسلام يحفظ بالظُّبَا ... من دينه الأَطرافَ والأوساطا
كم قد أنارَ من الأَسِنَّةِ أَنجما ... لما أثار من العَجَاج غُطاطا