هل بعد إقرارِ الدموعِ جُحودُ ... غلبَ الكرى وتمكّن التّسهيدُ
يا للرّجالِ لنازح متغرّب ... كثُر الغرامُ عليه وهو وحيدُ
أنا بين حالَيْ مُقتِرٍ ومبذّرٍ ... مُضْنى الفؤاد متيّمٌ معمودُ
صبرٌ ودمعٌ ليس لي بهما يدٌ ... فالصّبرُ يبخلُ والدموعُ تجودُ
أمذكّري تلك العهودَ برامةٍ ... أنَسيتَ ما أهدت إليّ زَرودُ
لا تثْنِ طرفَك عن ثنيّات اللّوى ... فلنا على تلك العهودِ عهودُ
ولقد وقفنا للوداع وضمّنا ... يومٌ بمنعرجِ اللّوى مشهودُ
جمعاً يفرّقنا الفراقُ ولم يزلْ ... شمْلُ الوداعِ يُبيدُه التّبديدُ
بلّغْ هُديتَ تحيّةً من عاشقٍ ... بالنّفسِ دون لِوى العقيقِ تجودُ
وأقرّ السّلامَ على الكثيبِ وقُلْ له ... هل ماءُ رامةَ بعدَنا مورودُ
يا عاذلَ العُشّاق إنْ هجروا وإنْ ... وصلوا فكلٌ بالجوى مجهودُ
دعهُمْ وما طُبِعوا عليه فإنّهم ... منهم شقيٌ في الهوى وسعيدُ
وله:
عتابٌ منك مقبولُ ... على العينين محمولُ
ترفّقْ أيه الجاني ... فعقلي فيك معقولُ
ويكفيني من الهِجرا ... نِ تعريضٌ وتهويلُ
ألا يا عاذلَ المشتا ... قِ إنّي عنك مشغولُ
وفي العشّاقِ معذورٌ ... وفي العشّاق معذولُ
أسُلْوانٌ ولي قلبٌ ... له في الحبّ تأويلُ
بمَنْ في خدِّه وردٌ ... وفي عينيه تكحيلُ
وجيشُ الوجدِ منصورٌ ... وجيشُ الصّبرِ مخذولُ
وله:
جفْنُ عيني شفّه الأرَقُ ... وفؤادي حشوهُ الحُرَقُ
من لمشتاقٍ حليفٍ ضنىً ... دمعهُ في الرّكبِ منطلقُ
أنا في ضِدّين نارِ هوىً ... ودموعٍ سُحْبُها دُفَقُ
بي حريقٌ في الفؤاد ولي ... مُقلةٌ إنسانُها غرِقُ
وحبيب غابَ عن نظري ... فدموعي فيه تستبقُ
غاب عن عيني فأرّقني ... فجفوني ليس تنطبقُ
قلت إذ لمَ العواذلُ واص ... طلحوا في اللّوْم واتّفقوا
وفؤادي فيه ذو قلقٍ ... ماعلى العُذّال لو رفَقوا
مذ نأت عنّي منازلُه ... ليس لي خلقٌ به أثِقُ
أخوه أبو المعالي ابن مسلم الشّروطي
وكان أصغر من محمود.
أذكره في أوان الصّبا، ودكّانه - في باب النّوبيّ - مجمع الظُرَفاء والأدباء، وهو يعمل شعراً، ويلقّنه صُنّاع الغِناء.
وتوفي بعد سنة خمس وأربغين، وهو شابّ.
ومن نظمه:
جرى دمعُه يوم باتوا دَما ... على إثرهم بعَقيق الحِمى
وصاحوا الرّحيل وزمّوا الرِّحالَ ... وساروا ووجدي بهم خيّما
تولّى الفريقُ أوانَ الفِرا ... قِ واقتسموا مهجتي أسهُما
وعيش علا يومَ صاحوا الرّحي ... ل صارت حلاوتُه علْقَما
وما ضرّ من جرحَتْ مُقلتا ... هـ لو بعثَ الوصلَ لي مرهَما
بلا في الهوى وابتلاني الجَوى ... وكان أساس بلائي هُما
وكم لامني فيهمُ العاذلانِ ... فما سمِعت أذني منهما
وله:
نادى مُنادي البَيْن بالتّرْحالِ ... فلذلك المعنى تغيّر حالي
زُمّتْ ركابُهمُ فلمّا ودّعوا ... رفعوا على الأجمالِ كلّ جَمالِ
فجرت دموعي في خدودٍ خِلتُها ال ... ياقوتَ قد نُثِرت عليه لآلي
وتفرّق الشّملُ المَصونُ وقبلَ ذا ... لم يخطُرِ البيْنُ المُشتُّ ببالي
وله مسمّطة، يغنّى بها:
يا ريمُ كم تجنّىلِمْ قد صددتَ عنّاصِل عاشقاً مُعنّىبالوصلِ ما تهنّا
السّلسبيلُ ريقُوالشّهدُ والرّحيقُوالوردُ والشّقيقُمن وجنتَيْه يُجْنى