للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا خفقت بنودُكَ في مَقامٍ ... رأيتَ الأرضَ خاشعةً تَميدُ

وإنْ طرَقَتْ جِيادُكَ دارَ قومٍ ... فشُمُّ الشامخات لها وُهود

وإنْ برَقَتْ سيوفُكَ في عدوٍّ ... فما من قائمٍ إلاّ حصيدُ

وأنشد أيضاً:

سيوفُكَ، أعناقَ العُداة تُميلُ ... وخوفُكَ آفاق البلاد يَجولُ

وكفُّك فوقَ النيل نَيلاً لأنَّه ... إذا سال ماءً فالنُّضارُ تُسيلُ

وكلُّ كثيرٍ من عدوٍّ ونائل ... إذا صُلْتَ فيه أو وصلْتَ قليلُ

أبو الحسن علي بن إبراهيم بن علي المعروف ب

ابن العلاّني المعرّيّ

من الشعراء المذكورين. ومضى إلى مصر ومدح الفضل، قرأت بخط الكاتب ابن النقّار الدِّمشقيّ أنه كان فخر الملك ابنُ عمّار صاحب طرابلس اقترح على الشعراء أن يعملوا على وزن قصيدة ابن هانئ المغربي:

فُتِقَتْ لكُم ريحُ الجِلادِ بعَنبَر

فسبقهم أبو الحسن عليّ المعروف بابن العلاّني المعرّي وعمِل ما أعجبه وأجازه عليه واستغنى به عنهم، وهو:

هل بارعُ الشُّعراء غيرُ مقصِّرِ ... عن بارعٍ مِنْ مجدِكَ المُتخّيَّرِ

أم كنهُه ما ليس يدركه بذا ... قول كمَنسوق الجُمان مُحبَّر

فعلى البليغ الجهدُ منه فإن يجِدْ ... يُحمَد، وإن يكُ مُقصراً فليُعذَرِ

يا ناصر الدين الذي لو لم تَطُلْ ... منه مُقارَعة العِدى لم يُنصر

لِيطُلْ بقاؤك للمكارم والعُلى ... فربوعُهُنَّ معالمٌ لم تَدْثُرِ

ولْتَرْعَ عينُ الله منكَ حُلاحِلاً ... سبق الورى سبق الجواد المُحضِر

يحتاطُك التوفيقُ، لا يألوكَ في ... تسهيله لكَ كلَّ صعبٍ أوعَرِ

وإذا دجَتْ ظُلَمُ الأُمور فلا تزَلْ ... سبّاقَها بسراجِ رأيٍ أَنوَرِ

للَّه همَّتُكَ الخطيرةُ إنَّها ... خُلقَتْ لِصَبٍّ بالعلى مُستهتَرِ

لِمؤَرَّقٍ في المجد مَضّاءٍ على ال ... أَهوال ثَبْتٍ ما يُراعُ بمُسهِر

والمجدُ صعبُ المُرتَقى إلاّ على ... يقظان في ذات الإلهِ مُشَمِّرِ

واري زِناد الفكر، وقّاعٍ بما ... يُبدي العِيانُ، على الخفيّ المُضمَر

شِيَمٌ نِظامُ المُلكِ مَخصوصٌ بها ... دلَّتْ على ملِكٍ كريم العنصُر

إنَّ العُلى ما بينَ كَفٍّ بَرَّةٍ ... منه ووَجهٍ بالطّلاقَةِ مُسفِرِ

عَلياؤُهُ ما يُستطاعُ مرامُها ... فلنُقللِ الحُسّادُ أَو فلتكْثِر

سيفَ الخِلافة لا تزَلْ عضْبَ الشَّبا ... تَفري بحدَّيك الخطوبَ فتنفري

لو بان شخصُ المجد لمْ يَكُ في الورى ... إلاّك منه عليه عَقْدُ الخِنصَرِ

خُلُقٌ أبى إلاّ السماحَ سجيَّةً ... تتغيَّر الدُّنيا ولم يتغيَّر

ولقد سمعت وما سمعت بجائد ... في عسرةٍ يُعطي عطاء الموسِر

ما روضةٌ غنّاءُ أَشراطيَّةٌ ... أُنُفٌ يَنِمُّ بها نسيم العَبْهَر

ولِيَ الحَيا تدبيجَها فكأنَّه ... واشي رُقومٍ أو مقوِّمُ أسطُر

يختال جوُّ تِلاعِها ووِهادِها ... في وارفٍ واصي النَّبات مُنوِّر

غَبَقَتْه سارية الغمائم واجتلى ... بالنَّوْر من صَوغِ الرَّبيع المُبكِر

مَعَجَتْ صَبا نجدٍ بها وكأنّما ... فضَّتْ خِتامَ التُبَّتِيِّ الأذْفَر

عبقاتِ نَوْرٍ لم تخل أنفاسه ... إلاّ بداهةَ نكهَةٍ من عنبَر

كصفات فخر الملكِ في إنشائها ... زهرَ الثناءِ بوَبْلِها المُستَمطِر

أّعَذولَ هذا البحر في بذل الندى ... ما العذل إلاّ ضائعٌ في الأبحر

لَفِّقْ مَلامَكَ أو فذَره فلم تكن ... لِتَسُدَّ أُسْكوبَ الغمام المغزِر

أَلِفَ الجيادَ فما تزالُ جيادُه ... تردي إليه بكلِّ ذِمْرٍ مُعْوِر

<<  <  ج: ص:  >  >>