للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُدحى بأيدي الخيل هاماتُ العِدى ... فكأنَّهُنَّ لواعبٌ بالمَيسر

في كلِّ يومٍ يسترون عَجاجةً ... قصُرَتْ لِحاظُ الطَّير دون المنْسر

قد عُوِّدَتْ رِيَّ الأسنَّةِ، كلّما ... شكَتِ الغليل، من النجيع المُهْدَر

صارت مشارعُها مُتونَ سلاهِبٍ ... لُحْقِ الأياطِل كالسَّعالى، ضُمَّر

من كلِّ يَعبوبٍ سما بتليله ... عنُق كجِذْعٍِ من أراكٍ مُوبَر

مُستلحِقٍ أولى الطرائد، صارعٍ ... للقِرْنِ في قتَم الغُبار الأكدَر

يُنثالُ في طلب العدوِّ كما أتى ... سنَدٌ بمَهوى سيلِه المُتحدِّر

وصوارمٍ بُتْر المضارب لم تقع ... إلاّ على تَرِب الجبين مُعَفَّر

من كلِّ أبيضَ ناطِقٍ في هامةٍ ... تحكي خطيباً فوق صهوة مِنبَر

يكسو أديم الأرضِ صِبغةَ عَنْدَمٍ ... لم تبدُ إلاّ عن دمٍ مُثْعَنْجِر

يبري أَكُفّاً ثمَّ يُتبِعُ أَذْرُعاً ... تحكي أنابيبَ القنا المُتكَسِّر

أَيَظُنُّ جندُ الشِّركِ عزمَكَ مُغفِلاً ... حَزَّ الطُّلى منهم وقطعَ الأبهَر

لَتساوِرَنهمُ بها مَلمومةٌ ... بالأُسْدِ تذأَى في قناً وسَنَوَّر

فلَتَنْسِفَنَّهُمُ سطاك بعاصفٍ ... يجتثُّ أصل المشركينَ بصَرصَر

وليجِلُبَنَّ ذوي القِسيِّ أَعدّها ... للشِّرك كلُّ مُباسلٍ مُتنَمِّر

يقذفن في مُهَج الطُّغاة طوائراً ... بمثال أجنحة الجراد الطُّيَّر

حتى تغيبَ حجولُ خيلك في الوغى ... ممّا تخوض من النَّجيع الأحمر

تدبيرُ مُعتزمٍ طلوبٍ ثأرَه ... بسيوفه طلبَ الهِزَبْر القَسْوَر

يا مُنفِد الأموال لا مُستبقياً ... لسوى مساعٍ كالنُّجوم النُّيَّر

عجباً لكفِّك كيف لا يخضرُّ ما ... تحوي عليه من الأصمِّ الأسمر

كشفتْ تجاربُكَ الزَّمانَ فعلَّمتْ ... أهلَ التجارب كيفَ حَلْبُ الأشْطُر

ودّعت شهراً أنت في هذا الورى ... بعُلُوِّ قدرِكَ مثلُه في الأشهر

تقضي فروضَ الصّوم أكرمَ صائمٍ ... وأهلَّ عيد الفطر أكرمَ مُفطِر

لا تعدَمُ الأعيادُ إن ألبسْتَها ... ببقائك الممدود أحسن منظر

فإذا سلمتَ فكلُّ عيدٍ عندنا ... مُوفٍ على عيدٍ أغَرَّ مُشهَّر

دامت لكَ النَّعماءُ موصولٌ بها ... توفيقُ منصور اللّواء مُظفَّر

وأنشدني الأديب أبو محمد بن عتيق المصري الشاعر قدم من اليمن العراق وأقام بها، قال أنشدني ابن العلاّني:

وذي هَيَفٍ راقَ العيونَ انثناؤه ... بقدٍّ كرَيّانٍ من البانِ مُورِقِ

كتبتُ إليه هل: تروم زيارتي ... فوقّع: لا، خوفَ الرّقيب المُصَدَّق

فأيقنت من لا بالعناق تفاؤلاً ... كما اعتنقتْ لا ثم لم تتفرّق

من قصيدة لأبي الحسن علي بن العلاّني يمدح بها الأفضل ابن أمير الجيوش أوَّلها:

سل الربع عن أحبابنا أين يمَّموا ... لئن ظعنوا عته فبالقلب خيَّموا

من مديحها:

لِيَزْدَدْ عُلُوّاً مُلْكُ مِصرَ فإنّها ... به حَرَمُ الله العزيز المُحرَّمُ

فمكَّةُ مصرٌ، والحجيج وفودُه ... ويمناه ركنُ البيت، والنيل زمزم

صفاتك ملُْ الخافقين فمُنْجِدٌ ... يسير بها في كلِّ فَجٍّ ومُتهِمِ

وشاكرُ ما تولي مُقِرٌّ بعَجزه ... ولو أنَّه في كلِّ عضوٍ له فم

وله:

عَجِبَتْ لِوَخْطِ الشَّيبِ عاذلَةٌ رأتْ ... شِعراً تلفَّعَ بالبياض سوادُه

لا تعجبي ما شاب منه فَوْدُه ... إلاّ لِهَمٍّ شابَ منه فؤادُه

وله:

أَلَمْ تَعطِف على النَّضْو الطّريحِ ... وطولِ تأوُّهِ القلب القريح

<<  <  ج: ص:  >  >>