للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل أنتِ مُنجزةٌ بالوصل ميعادي؟ ... أم أنت مُشمِتةٌ بالهَجر حُسّادي؟

سألت طيفَكِ إِلماماً، فضَنَّ به، ... ولو أَلَمَّ، لأَرْوَى غُلَّةَ الصّادي

يا ظبيةَ الحيّ، ما جِيدي بمنعطف ... إلى سِواكِ، ولا حبلي بمنقادِ

لولا هواكِ، لمَا اسْتَلْمَعْتُ بارقةً ... ولا سألتُ حمام الدَّوْحِ إِسعادي

ولا وقَفْتُ على الوادي أَسائلُه ... بالدَّمع، إلا رثَى لي ذلك الوادي

رحَلْتُمُ، وفؤادي في رِحالكمُ ... موزَّعٌ بينَ اِتهام وإِنجادِ

واللهِ، لو لم تَصيدوا يومَ كاظمةٍ ... قلبي، لَما عَلِقْتني كفُّ مُصطادِ

إن تأسروا، فذَوُو عزٍّ ومقدرةٍ ... أو تُطلِقوا، فذَوُو مَنٍّ وإِرفادِ

لا تُوهِنُوا زجرةَ الحادي بِعيسِكمُ ... فما الفجيعةُ إلا زجرةُ الحادي

إذا سمَحْتُم بتقريبي، ولم تَصِلُوا ... حبلي، فسِيّانِ تقريبي وإبعادي

وله:

فاق الكرامَ، وأعطى غيرَ مكترثٍبالمال إِعطاءَ لا وانٍ، ولا بَرِمِ

تكَّرمُوا، وهمى معروفُه كرماً، ... وما التكَرُّمُ في الإنسان كالكرمِ

سمتْ به ذُرا العلياء همَّتُهُ ... والمجدُ أرفعُه ما شِيدَ بالهِمَمِ

إذا الصِّفاحُ نَبَتْ عن قطعِ نائبةٍ ... سطا فقلَّمَ ظُفرَ الخَطْب بالقلمِ

وله:

ببابك يُغْلَقُ بابُ الرَّجاءِ ... وينكسرُ البالُ أَيَّ انكسارِ

حجابٌ يَعُطُّ حجابَ القلوبِ ... وسِترٌ يمّزِق سِتْرَ اصطباري

ولده أحمد بن علي بن دواس القنا لقيته ب واسط.

وله، أيضاً، شعر صالح حسن.

وسمعته كثيراً ينشد قصائده في الأكابر. وما اتفق لي إثبات شيء من شعره، لوثوقي بالزمان وامتداده، وأني ب واسط، ولا يفوت ذلك؛ ولم أدر أن الليالي في قصد المرء وتعويق مراده.

وهو، إلى الآن - وهو سنة تسع وخمسين وخمس مئة - حي ب الكوفة.

وسمعت له هذين البيتين في الخمر:

أَدِرْ عليَّ مُداماً، كلَّما مُزِجت ... صاغ المِزاجُ لها تاجاً من الشُّهُبِ

حمراءَ، بي شَغَفٌ منها؛ لأِنَّ لها ... رُوحاً من الطِّيب في جسم من الذَّهَبِ

[شمس الرؤساء أبو الفرج بن الدهان الواسطي]

مهياري النظم رقيقه، جليل المعنى دقيقه.

لما انحدرت، في سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، إلى معاملة ديوانيات واسط، كان حياً، وتوفي بعد ذلك بسنيات.

وأنشدت له من قصيدة، يغنى بها:

عادَ عيدُ الهوى بقلبي، فأبدى ... زَفَراتٍ، تُعْيي الحليمَ الجَلْدا

ما يُريدُ الهوى؟ كأنَّ له عن ... دَ فؤادي المَشُومِ ثأراً وحِقدا

أحمَدُ الصَّدَّ بالوِصال، ولولا ... لَذَّةُ الوصلِ ما حَمِدْتُ الصَّدّا

يا طليقَ الفؤاد، حاجة مَأْسُو ... رٍ أبَى من وَثاقه أن يفَدَّى

أينَ أيّامُنا ب سَلْعٍ؟ أعاد ال ... لّهُ أيّامَنا ب سَلْعٍ ورَدّا

يا لَها نفحةً ب ذي البانِ يَزْدا ... دُ فؤادي لِبَرْدِها الدَّهْرَ وَقْدا

وليالٍ بجوٍّ ضارِجَ صَيَّرْ ... نَ لحُزني أيّاميَ البِيضَ رُبْدا

لا عدا الغيثُ من تِهامةَ رَبْعاً ... هامَ قلبي به غراماً ووَجْدا

أتمنّى نجداً، ومن أينَ تُعطي ... ني الليالي بأرض نعمانَ نجدا؟

حَبَّذا رفقتي بوادي الأُثَيْلا ... تِ، وأظعانُهم مع الليل تُحْدَى

ومُناخاً ب الأَبْرَقَيْنِ توَسَّدْ ... تُ بحَرّاتِه، فأحْسَسْتُ بَرْدا

وثرى، نالتِ المَناسمُ، عَفَّرْ ... تُ عليه في ساعة البَيْن خدّا

وكأنّا لمّا عَقَدْنا يميناً، ورَهَنّا رهائناً لن تُرَدّا

كان رهني قلبي لَدَيْهِم على الوُدّ مقيماً، ورهنُهم طيفَ سُعْدَى

يا لُوَاتي دَيْنَ الغرامِ، أَما آ ... نَ لِدَيْني عليكمُ أن يُؤَدَّى؟

<<  <  ج: ص:  >  >>