للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدم الشعراء أيام الأفضل بن أمير الجيوش في الإنشاد. كتب إليه بعض المصريين أبياتاً في القطائف، منها:

جاءت مناسبة أخلاقَ مُهْديها ... قطائفٌ كلُّ طَرْفٍ مُودَعٌ فيها

نَزَّهتُ ناظرتي في حسنها وفمي ... في طيبِها وجَناني في معانيها

فقال مسعود الدولة في جوابها:

لله درُّ قوافٍ أنت مُهْدِيها ... لا يستطيع حَسُودُ الفَضْلِ يُخْفيها

عَزَّتْ مطالبُها عَزَّت مطامعها ... جَلَّتْ مقاصدها دَقَّتْ معانيها

فيها بدائعُ حُسْنٍ قد خُصِصْتَ بها ... تجري مع النفس لُطْفاً في مجاريها

من ذا يُعارضها من ذا يجاريها ... من ذا يُساجلها من ذا يُباريها

سَمَتْ عن الوصفِ حتى أنّ مادحها ... كأنّهُ بفَمِ التقصير هاجيها

ما إنْ يملُّ مع التكرار سامعُها ... ولا يكلُّ عن الترداد قاريها

تَمْضِي الليالي عليها وهْيَ خالدةٌ ... والفكر من غِيَرِ الأيام واقيها

إنّ القوافيَ تحييها محاسنها ... إذا حُفِظْنَ وتُفْنِيها مساويها

ظَفِرْتَ يا ظافراً بالنُّجْحِ هِمَّتُهُ ... فيما يرومُ وفازتْ في مساعيها

إني بعجزيَ عن شكريك معترفٌ ... والله يجزيك بالحُسْنَى ويُنْمِيها

[حظي الدولة أبو المناقب عبد الباقي]

ذكره ابن الزبير في كتابه، وقال هو ممن يذكر لاشتهاره لا لجودة أشعاره، وكان محظوظاً، وبالكرامة ملحوظاً، معاصر ابن حيوس. وحكي أن ابن حيوس لما وصل إلى مصر استأذن له الوزير في الإنشاد بالقصر، فهيء له محفل في يوم، فأنفذ الداعي إلى حظي الدولة، وأعلمه وتقدم إليه بالحضور للإنشاد، فلما حضر اعتقد أن الشاعر المأذون له هو فأنشد، وأطال، ثم دخل ابن حيوس، وأنشد، فأظهروا له الملال. وأطلق له ألف دينار، فأخذها حظي الدولة، فاجتهد الوزير، حتى قسمها بينه وبين ابن حيوس، ومن شعرهك

مُؤَمَّلٌ يَهَبُ الدنيا بما جَمَعَتْ ... لآمليه ولا يعتدُّ ما وهبَا

ومُنءتَضٍ كلَّ يوم في المهارقِ من ... أقلامه مُرْهَفاتٍ قُطَّعاً قُضُبَا

طوراً تكون سُيُوفاً في عِدَاه وأَطْواراً ... تكون على قُصَّاده سُحُبَا

كالسَّيْل والليل واللَّيثِ الغَضَنْفَرِ ... والغيث المُزَمْجِرِ إن أَمْلَى وإن كتبا

ومنها:

فلا تُعَرِّفْهُ آباءً له كَرُموا ... او يلحقوا الزَّمنَ الأَقْصَى أَباً فأَبَا

فالراحُ قد أكثر المُدَّاح وصفهمُ ... لها ولم يذكروا في وصفها العِنَبا

وله يلغز بالميزان:

أخوَان هذا إن يَحُزْ ... مالاً فهذا مُعْدِمُ

متلاصقان وربما ... جَلَبَ التفرُّقَ درهمُ

ما ذاك من بُخْلٍ ولكنَّ ... الجميعَ مُبَرْسَمُ

[ابن عبد الودود]

له في حبيبه وقد اختضب:

فلا تظنّوه بالمرجان مُنْتَعِلاً ... ولا تخالوهُ بالحنّاء مُخْتَضِبَا

وإنما قاض دمعي عند رؤيته ... فخاض من دَمِ عيني بَعْضَ ما انسكبا

وله من قصيدة يعاتب فيها ابن مكنسة على تبذله وضراعته:

ومَن ذا لحرِّ الشعر غيريَ مالكاً ... وذهني لسلطان القوافي سُلَيْمَانُ

تلذُّ لَظىً لي إِنْ تَبَسَّمَ مالِكٌ ... وأكره رَضْوَى إن تجهَّم رضوان

وله

بَني حديدٍ أتمَّ اللهُ نعمتَكم ... إن العتاب لِعِرْضِ المرء تهديدُ

سَقَيتموني بكأس المَطْلِ مُتْرَعَةً ... حتى تمايَلْتُ والسكرانُ عِرْبِيدُ

قال: أخذه بعض أهل العصر، وأحسن الأخذ، فقال:

يا مَنْ عَلِقْتُ بحَبْلِهِ ... إذ خفتُ من جَوْر الليالي

وتَخِذْتُهُ لي جُنَّةً ... من صَرْف دهرٍ ذي اغْتِيال

ما للوَرَى يَحْظُون منك ... على تباعدهم ومالي

أُسْقَى بمَطْلِكَ دائماً ... فعلامَ أَشْرَقُ بالزُّلال

<<  <  ج: ص:  >  >>