مزّق بالهجرِ ثوبَ عُمْري ... وعادَ يرفوهُ بالوِصالِ
وهْوَ جليسي في صحنِ دارٍ ... من كلّ ما يشتهيه خالِ
وقد تحيّلتُ في طعامٍ ... يُغني أكيلاً عن الخِلال
والير في دارِه قُدورٌ ... فوق الأثافي بين المقالي
قد أحكمت طبخَها طُهاةٌ ... وصُفِّقَ الخمرُ بالزّلالِ
فانعَمْ بها قهوةً حراماً ... لزاهدِ الدّين في الحلالِ
قال الشّاتاني: وكتب إليّ من قصيدة:
الى حسنٍ نحتثّها لُغّباً حسْرَى ... حواملَ من حُرِّ المديحِ له وِقْرا
ومنها:
تجاوزتَ عن جُرمِ انبساطيَ مرةً ... وعدتَ فعاوِدْ بالنّدى مرةً أرى
ولما سافر الى الموصل، مدح - بديار ربيعةَ وديار بكر - أكابرها، وأشاع أشعاره، وأقام شائرها. وكان له خاطر لأبكار القوافي خاطب غير خاطئ، لكنّما أخمَصُه لذُرا أشرافِها واطئ.
ومن شعره، قوله:
قامت تهزّ قوامَه يومَ النّقا ... فتساقطَتْ خجلاً غصونُ البانِ
وبكت فجاوبَها البكا من مُقلتي ... فتمثّل الإنسانُ في إنساني
ومنها:
وأحبّكم وأحبّ حبي فيكمُ ... وأُجِلّ قدرَكمُ على إنساني
وإذا نظرتكمُ بعينِ خيانةٍ ... قام الغرامُ بشافعٍ عُريانِ
إنْ لم يخلّصني الوصالُ بجاهه ... سأموتُ تحت عقوبةِ الهِجْرانِ
أصبحتَ تُخرجُني بغير جنايةٍ ... من دارِ إعزازٍ لدارِ هوانِ
كدم الفِصادِ يُراقُ أرذلَ موضعٍ ... أبداً ويخرجُ من أعزِّ مكانِ
قد نسب هذه الأبيات إليه من أنشدَنيها، وكنت أظنّها لغيره.
وله من قصيدة:
زارَ وجُنحُ الظلامِ مسدول ... طيفٌ له في الدُجى تخاييلُ
والليلُ زِنجيُّ ليلِه حدَثٌ ... عليه من شُهْبه أكاليلُ
والبدرُ وسْطَ السّماءِ معترضٌ ... قد أشرقَ العرْضُ منه والطّول
ومنها:
أينَ تسيرونَ بالرِّكاب فقد ... ملّ السُرَى حاملٌ ومحمولُ
[غزال]
من عامّة بغداد.
أنشدني لنفسه:
قد هاج ناراً بقلبي في الدُجى وَرْقا ... أنّت ورنّت ولم تلْقَ الذي ألقى
أوصيكِ يا وَرْقُ رِفقاًبالفتى رِفقا ... الصّبُّ بعد فراق الحِبّ ما يبقى
فارس المعروف بطَلّق
ذكر لي بعض أصدقائي من أهل بغداد: أنّه رأى من عقلاء المجانين بها - في زماننا - رجلاً، يقال له طلّق، وأنشدني لنفسه:
لا يغُرّنْك اللباسُ ... ليس في الأثواب ناسُ
همْ وإنْ نالوا الثّريّا ... بُخَلاءٌ وخِساسُ
كم فتى يُدْعى رئيساً ... وهْوَ الخسّة راسُ
ويدٌ تصلُح للقط ... ع تُفَدّى وتُباسُ
[الحسن بن عبد الواحد الشهرباني]
المعروف بابن عجاجة المعلّم.
أنشدت له في ابن رَزين:
قبّح اللهُ باخلاً ليس فيه ... طمعٌ واقعٌ لمن يرتجيه
سِفلةٌ إنْ قصدْتَه يتلقّا ... ك على فرْسخٍ بكبرٍ وتيهِ
أحمقٌ رأسُه إذا فتّشوهُ ... وجدوهُ بضدّ إسمِ أبيه
هذه الأبيات، مضطربة في نفسها لفظاً ومعنى، فإنّ ألف الاسم ألف وصل، وقد قطعه؛ ثم الهجو في غير موضعه.
يوسف بن الدُرِّ البغدادي
أنشدني محمد المولَّد له - وذكر أنّه مات في عُنفوان شبابه بطريق مكّة سنة تسع وأربعين وخمس مئة، وكان ذكيّاً - يهجو بعضم بالعين:
إنّ أبا سعدٍ الممشّي ... زمانَه أنت حين يمشي
مدوّرُ الكعبِ فاتّخذهُ ... لتلِّ غرسٍ وثلِّ عرشِ
لو رمَقت عينُه الثريّا ... أخرجها في بنات نعشِ
ما سمعت بألطف منها في هذا المعنى.
وأنشدني له من قصيدة، وكأنه نطق بحالته:
لهفي على أمل فُجِعت به ... في عُنفُوان شبيبةِ الأملِ
وأنشدني أبو المعالي الكتبيّ له:
عذرتُك لستَ للمعروف أهلاً ... ولومُك في قصورك عنه ظلمُ
أتحسَبُني أقدتُ إليك نفسي ... ولي بك أو بما تأتيه علم