ولا عَدَتْكِ الْجِوْنُ صَخّابَةً ... مُلْقِيَةً مِنها عليكِ البعَاع
وارَيْتِ حَمّاء على العقب إِذ ... أَدْبرن صَبّاع حباب الوقاع
الطاعِن النَّجْلاء نَغّارةً ... ذا خُلُقٍ سَمْح وصَدْرٍ وَساعْ
والمُوقد النّار إذا أُخْفِيَتْ ... في رأْس صَمْدٍ ذاتِ أَزْلٍ شَناع
في حينَ لا تَرْأَم أَولادَها النَّ ... يِّب ولا تَحْنو ذَواتُ الرّباع
قال وكتب إلى عمته وقد أرسلتإليه تقول له: إلى كم هذا البعد عنا والتغرب:
وَمُهْدِيةٍ عندي على نَأْي دارِها ... رسائلَ مُشْتاقٍ كريمٍ وسائِلُهْ
تقول إِلى كم يا ابنَ عيسى تَجَنُّباً ... وبُعْداً وكم ذا عَنْكَ رَكْباً نُسائِلهْ
فيُوشِك أَنْ تُودِي وما مِنْ حَفِيَّةٍ ... عليكَ ولا باكٍ بما أَنت فاعِلُهْ
فقلتُ لها في الْعِيسِ والْبُعد راحةٌ ... لِذي الهمِّ إِنْ أَعْيَتْ عليه مَقاتِلُهْ
وفي كاهلِ اللَّيْل الخُداريّ مَرْكَبٌ ... وكم مَرَّةٍ نجّى من الضَّيْم كاهِلُهْ
إذا لم تَعادِلك الليَّالي بصاحِبٍ ... فلا سَمَحَتْ بالنَّصْح عَفْواً أَناملهْ
فلا خَيْرَ في أَن تَرْأَمَ الضَّيْم ثاوِياً ... وغَيْظاً عَلَى طُولِ اللّيالي تُماطِلهْ
ذَرِيني فلي نَفْسٌ أَبي أَن يَدِرّها ... عِصابٌ وقلبٌ يَشْرَبُ اليأْسَ حاصِلُهْ
إِذا سيم وِرْداً بعد خمسين شَمَّرَتْ ... عن الماءِ خَوفَ المُقذِعاتِ ذَلاذِلهْ
وذكره عمارة الشاعر في شعراء اليمن وقال: هو الذي رئى المأربي والده عيسى حين قتله أخوه يحيى. وكان رأس الزيدية بالحرمين.
ومن جملة شعره أبيات كتبها إلى الأمير هاشم بن فليتة بن قاسم أمير مكة يشفع في جماعة حبسهم من الزيدية، فوهبهم له وأمر بإخراجهم إليه، منها:
أَبا قاسمٍ شَكْوَى امرىءٍ لك نُصْحُهُ ... تَفَكَّرَ فيها خُطَّةً فَتَحيَّرا
على أَيّ أَمرٍ ما تُساق عِصابةٌ ... إِلى السّجْن والَوْا جَدَّك المُتَخَيَّرا
ولمْ يَعْدِلوا خَلقْاًَ بكم آلَ أَحْمدٍ ... ولا أَنكروا إِذ أَنْكَر النَّاس حَيْدرا
أَتاك بهم ما طَنَّ في مَسْمَع الوَرَى ... وسارت بهِ الرُّكْبان عَدْلاً ومَفْخَرا
يَجُرّون أَطرافَ السَّريح عَلَى الْوَجا ... مُنَاقَلَةً بين الْهَواجِر والسُّرى
لكِ اللهُ جاراً من قلوبٍ تَطايَرَتْ ... حَشاها ومِنْ دمعٍ جَرى مُتَحدِّرا
ومِنْ كلِّ أَوّاهٍ وأَشْعَث مُخْبِتٍ ... إِذا صُدّ عن قَصْدِ الثَّنِيَّةِ كَبَّرا
أبو الحسن علي بن الحسن المعروف ب
ابن الريحاني
من أهل مكة، ذكر أنه من بني تميم، وهو علي بن الحسن بن علي بن عبد السلام بن المبارك بن محمد بن راشد السعدي التميمي، لقيته بالشام مراراً وقد وفد إلى صلاح الدين الملك الناصر في سنة سبعين فأنشدني لنفسه من قطعة في الأمير قاسم أمير المدينة:
طَوَتْ مَا طَوَت من حَزْن أَرضٍ وسَهْلِها ... وجاءَتْ سِراعاً كانقضاضِ الْجَوارِحِ
إلى حَرَمٍ جَمِّ المآثِرِ لم يزَلْ ... مَدَى الدَّهْرِ مَخصوصاً بغُرّ المدائح
إِلى القاسم القَمقامة النَّدْب ذي النُّهَى ... وَذي الْجُود في غُبْرِ السِّنين الكَوالح
إِلى ابن المُهَنّا الماجد القَرْم من غَدا ... يَبُثّ الأَيادي بين غادٍ ورائح
سَما بِكرامٍ من ذؤابةِ هاشمٍ ... غَطاريفَ صِيدٍ ماجِدين جَحاجِح
موارد جُودٍ لا تَمُرّ لِشاربٍ ... وأُسْد وَغىً بَسّالة في الْفَوادِح
ووفد إلى الشام لقصد الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله وكتب إليه بهذه الأبيات في سنة ثمان وستين وأنشدنيها لنفسه: