يا صاحِ قِفْ بالعِرْق وقِفْةَ مُعْوِلِ ... وانزِل هناك فَثَمّ أَكرمُ مَنزلِ
نزَلت به الشُّمُّ البواذِخُ بعدما ... لحظَتْهمُ الجَوْزاء لحظةَ أَسفلِ
أَخواي والولدُ العزيزُ ووالدي ... يا حَطْم رُمْحي عِند ذاك ومُنْصُلَي
ومنها:
هل كان في اليمنِ المُباركِ قبلنا ... أَحدٌ يُقيم صَغا الكلام الأَمْيَل
حتى أَنار الله سُدْفةَ أَهله ... ببني عَقامة بعد ليلِ أَلْيَلِ
لا خَيْرَ في قول امرئٍ متمدّحٍ ... لكن طغى قلمي وأَفرط مِقْوَلي
ومنهم:
[القاضي أبو محمد الحسن بن أبي عقامة]
وهو أقدم عصراً ممن ذكرناهم، كبير البيت والقدر، غزير الفضل، وكان فقيهاً شاعراً، إماماً في العربية واللغة ماهراً، قتله الملك جياش بن نجاح صاحب زبيد وقد ولي القضاء في زمانه. ولسبب قتل جياش له يقول ابن القم الشاعر يخاطب جياشاً:
أَخطأَت يا جَيّاشُ في قتل الحسنْ ... فقأْتَ والله به عَيْنَ الزمنْ
وفيه يقول:
تَفِرُّ إِذا جرَّ المُكَرَّم رمحَهُ ... وتَشْجُع فيمن ليس يُحْلي ولا يُمْري
قال والعقاميون ينقمون هذا البيت على ابن القم ويقولون: قتل صاحبهم أهون عليهم من كونه لا يحلي ولا يمري.
ومن شعر هذا القاضي أبي محمد أنه لما سمع قول المعري:
إِذا ما ذكرنا آدماً وفِعالُه ... وتزويج ابْنيه لبنَتْيه في الدُّنا
علمنا بأَنّ الخلق من أَصلِ زَنْيَةٍ ... وأَنَّ جميع الناس مِن عُنْصر الزِّنا
أجابه بقوله:
لَعَمْرُك أَمّا فيك فالقولُ صادِقٌ ... وتكذِبُ في الباقين مَنْ شَطَّ أَوْ دَنا
كذلك إِقرارُ الفتى لازمٌ له ... وفي غيره لَغوٌ كذا جاءَ شرعُنا
وشعره في نهاية من الحسن والجودة:
[الغر نوق]
ذكر أنه من الطارئين على تهامة ومن جيد شعره قصيدة يمدح بها القاضي المعروف بالحفائلي أولها:
غُدِقَت مَقاليدُ الإِمامهْ ... بالشُّمِّ آلِ أَبي عَقامهْ
القوم راحةُ طفلهمْ ... في المهد تَهطِل كالغَمامهْ
ومنها في الممدوح وهو طائل في معناه:
وإِذا العَروبة أَسْفرتْ ... عن وجه مِصْقعة لِثامَهْ
هنّا منابرَه الأَذا ... ن به وعَزَّتْها الإِقامةْ
وهو القائل في الوزير مفلح الفاتكي وكان حبشياً معلوطاً:
أَأَكرمَ وَجْهٍ خَطَّه كَفُّ لاعِطِ ... فَدَتْ نَعْلَك اليُسرى جُدودُ الأَشايط
بنو الأشيط عرب ريمة قبل لم يأت في اللغة لاعط وإنما جاء عالط.
ودخل هذا الشاعر المدرسة عند الفقيه ابن الأبار بزبيد وقد تضايقت المجالس لكثرة الطلبة فارتجل قوله يخاطب الفقيه:
مجلسُك الرَّحْبُ من تَزاحُمه ... لا يَسَعُ المرءَ فيه مَقْعَدُهُ
كلٌّ على قَدره ينال، فذا ... يَلْقُط منه وذاك يحْصِدُهُ
[الفقيه أبو العباس أحمد بن نجارة الحنفي]
وصفه بالتبريز في علم الكلام واللغة والأدب، لكنه امتطى مركب الطرب، وعرف بالخلاعة والاستهتار، واجتاز ليلة بدار القاضي أبي الفتوح بن أبي عقامة وهو سكران، وكان القاضي فظاً في ذات الله وابن نجارة يخلط في كلامه وهذيانه، وليس عند القاضي أحد من أعوانه، فصاح عليه القاضي: إل هذا الحد يا حمار، فوقف ابن نجارة وارتجل مخاطباً له:
سَكَراتٌ تعتادُني وخُمارُ ... وانتشاءٌ أَعتاده ونُعارُ
فَمَلومٌ مَنْ قال أنّي ملومٌ ... وحِمارٌ من قال أنّي حمارُ
الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن علي
ابن هندي
ذكره الرشيد ابن الزبير في كتاب الجنان، وقال هو خاتم أدباء العصر، بهذا المصر، وقال فمما أنشدني من شعره قوله:
عَقْلُ الفتى مَّمِن يُجالسه الفتى ... فاجعل جليسك أَفضلَ الجلساءِ
والعلم مصباح التُّقى لكنّه ... يا صاحِ مُقتَبسٌ من العلماء
وقوله:
لَثِمَتُ بِفي التَّفَكُّرِ وَجْنَتيْه ... فسالَتْ وجْنَتاه دماً عَبيطا