حتّامَ يا غزالُذا التّيهُ والدّلالُوالصّدُّ والمَلالُأفنى ولي يَفْنى
عذّبتَني فمهلالم ترْعَ فيّ إلاما كنتُ قطّ إلاأحسنتُ فيك ظنّا
يا فتنةَ الفتونِيا نُزهةَ العيونِإرحَمْ أخا شُجونِما نال ما تمنّى
يا بدرَ كلِّ بدرِفي نصفِ كلِّ شهرِيا منْ أطال فكرييا مَن به فُتِنّا
لم يرْقَ فيك جَفْنيمن عُظم طولِ حُزنيناحَ الحمامُ عنيفي دوحِه وغنّى
قد عيّروا ولاموامن شفّهُ السَّقامُما ينفَعُ الملامُمنْ في هواك جُنّا
صبٌ بكم عميدُأشواقُه تَزيدُقد شفّه الصّدودُأضحى بكم مُعنّى
فخر الدّين أبو شُجاع بن الدّهان
الفرَضي البغدادي
حبرٌ عالم، وبحر في الفضائل متلاطم، فقيه نبيه، نبيل وجيه.
رأيته ببغداد، وهو شابّ، يتوقد ذكاء وفطنة. وله اليدُ الطّولى في النّجوم وحلّ الزّيجات. وله شر حسن جيّد، وخاطر مجيد، ونفَس في النّظم مديد.
أنشدني لنفسه في قطب الدين بن العبّادي، وكان بينه وبين البرهان عليّ الغزْنَويّ الواعظ نوع منافرة، وكانت سوقه انكسرت به:
للهِ دَرّ القطبِ من عالِمِ ... طَبٍّ بأدواءِ الورىآسِ
مُذْ ظهرت حُجّتُه في الورى ... قام به البُرهانُ للنّاسِ
في عرف أهل بغداد: إذا أفلس أحدهم، وأغلق باب دكّانه، قيل: فلان قام للناس.
وأنشدني لنفسه:
أبو سعيدٍ الحكيمُ حبْرٌ ... قد فاق في علمه البرايا
إذا رأى الخطّ مستقيماً ... خرّ له قائمَ الزّوايا
وأنشدني لنفسه في ثقة الدولة، أبي الحسن، عليّ بن الدُرَيْني، وقد مرض:
نذَرُ الناسُ يومَ بُرئِك صوماً ... غيرَ أنّي نذرتُه أنا فِطْرا
عالماً أنّ ذلك اليومَ عيدٌ ... لا أرى صومَه وإنْ كان نَذْرا
وجرى حديثه عند الحكيم أوحد الزمان أبي الفرج بن صفيّة فذكر أنّه يعرف من الهندسة طرفاً صالحاً. وأما شعره، ففي غاية الجودة. وأنشد له من قصيدة في جمال الدين محمد بن عليّ بن أبي منصور بالموصل حين سافر إليه:
قابلتُه فانجبرت كسوري ... وكنتُ في مُربّعِ التّعثيرِ
وله في الوزير عون الدين بن هُبَيرةَ، وقد قرِّب حصانه - ليركب - فجمح، من قصيدة:
وبالأمسِ لما أنْ بدت لطِمِرِّه ... مهابتُه أضحى من الوحش أنفرا
على أنّه ما زال يغشى به الوغى ... ويُوطِيه أطرافَ الوشيجِ مُكسّرا
جوادٌ علت منه الجوادَ مهابةٌ ... فأُرعِد حتى كادَ أن يتأطّرا
وما الطِّرفُ عندي بالمَلومِ وخوفُه ... حقيقٌ به لما اجتلى منه قَسْوَرا
وماجَ لأنّ البحر بعضُ صفاتِه ... فساحَ ولاقى من يمينَيْه أبحرا
وله يهجو أعور:
من عجب البحرِ فحدِّثْ به ... بفرْدِ عينٍ ولسانَيْنِ
الأمير أبو شُجاع بنُ الطّوابيقي
من باب العامّة ببغداد.
له نظم رائق، وشعر فائق. وهو بالموصل. توفّي سنة تسع وستين.
حكى أبو المعالي بن سلمان الذّهبي: أنّه كان صحبه لما قصد أمير قلعة فنَك، وبات ليلتين لم يدخل. فلما عاد الأمير من الصّيد، دخلها، وأنشده من قصيدة:
يا ناصرَ الدّين سمعاً من فتى علِقَتْ ... يداهُ منك بحبلٍ غيرِ مُنبَتِك
لئن غدوتَ لصيدِ الوحشِ في عُدَدٍ ... من النّيازكِ والبتّارةِ البُتُكِ
لَصِدْتُ منك بلُقياك السّماحةَ وال ... إقدامَ والمجدَ في ثِنيَتيْ حِبا ملِك
وعُدّني مدَحٌ تُلهيك عن غُررٍ ... لو ناجتِ الشمسَ لانحطّت من الفلَكِ
أقِلْ وليّك قولَ الكاشحين له ... يا ويحَه عادَ بالحِرمان من فنَكِ
ولا تكِلهُ الى عذرٍ تنمّقُه ... إذ ما عليه بترك العُذرِ من درَكِ
فحسبُه ليلتا سوء غدا بهما ... نزيلُ مُلكك يا مولاي كالملكِ
وأنشدني أبو المعالي الذّهبي، قال: أنشدني لنفس، يستهدي شراباً:
مولايَ قد زارني غلامٌ ... ينظُرُ من مُقلتَيْ غزالِ
يَميسُ كالغصن جاذَبْتُه ... في دَوْحِه نسمةُ الشّمالِ