للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف بقاءُ عمرك وهْوَ كنزٌ ... وقد أنفقتَ منه بلا حساب

وقال:

أيا دهرُ أًينَ الملوكُ الذين كانوا ... فأَضْحَوْا كأَنْ لمْ يكونوا

وكانت قصورهمُ لا ترامُ ... فتلك قبورهمُ لا تَبينُ

وقال:

أيها المغرورُ لا تَغْتَرْ ... فمرعاكَ خبيثُ

سائقُ الموت وإن طا ... ل بنا العمرُ حثيثُ

إنَّ من جادت على ... الخلق بجدواه غيوثُ

وأولو المجد القديم ... العهد منهم والحديثُ

أصبحَ اليوم حديثاً ... وغداً نحن حديثُ

الأمير أبو المهند حسام بن مبارك بن فضة العقلي لم يكن في مصر أفخم منه شأناً، وأعظم سلطاناً، أيام سلطنة ابن رزيك وهو ابن أخت الصالح، كان مقدم عسكره، في مورده ومصدره، وحسامه الفاصل. من شعره أبيات عاتب بها خاله:

أُجِلُّكَ أَنْ يُلِمَّ بك العِتَابُ ... وأن يَخْفَى وحاشاكَ الصَّوَابُ

ومنها:

وإنّي في يَمينِكَ حين تَسْطُو ... حُسَامٌ لا يُفَلِّلُهُ الضِّرَابُ

وكمْ أرْسَلْتَني سَهْماً مُصِيباً ... فأَحْرَقَ ضِدَّكم منّي شهابُ

[أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن كامل]

كان داعي الدعاة بمصر للأدعياء، وقاضي القضاة لأولئك الأشقياء، يلقبونه بفخر الأمناء، وهو عندهم في المحلة العلياء، والمرتبة الشماء، والمنزلة التي في السماء، حتى انكدرت نجومهم، وتغيرت رسومهم، وأقيم قاعدهم، وعضد عاضدهم، وأخليت منهم مصرهم، وأجلي عنهم قصرهم، فحرك ابن كامل ناقص الذب عنهم والشد منهم، فأمال قوماً على البيعة لبعض أولاد العاضد، ليبلغوا به ما تخيلوه من المقاصد، وسولوه من المكايد، فأثمرت بجثثهم الجذوع، وأقفرت من جسومهم الربوع، وأحكمت في لحومهم النسوع. وهذا أول من ضمه حبل الصلب، وأمه فاقرة الصلب، وهذا صنع الله فيمن ألحد، وكفر النعمة وجحد، وذلك غرة رمضان سنة تسع وستين وخمسمائة. سمعت الملك الناصر صلاح الدين يذكره وقد ذكروه عنده بالفضل والأدب ونسبوا إليه هذين البيتين في غلام رفاء وأنشدهما الملك الناصر وذكر أنه كان ينكرهما:

يا رافياً خَرْقَ كلِّ ثَوْبٍ ... ويا رَشاً حُبُّهُ اعتِقَادي

عَسَى بكفِّ الوصال تَرْفُو ... ما مَزَّقَ الهَجْرُ من فؤادي

الوجيه ابن الذروي

أبو الحسن علي بن يحيى

شاب نشأ في هذا الزمان، موصوف بالإجادة والإحسان، له في أحدب:

يا أخي كيف غَيَّرَتْكَ الليالي ... وأحالتْ ما بيننا بالمِحَال

حاشَ لله أن أُصَافي خليلاً ... فيرانيْ في ودِّه ذا اختلال

زعموا أنني أتيتُ بهجوٍ ... معرب فيك عن شَنيعِ المقال

كذبوا إنما وصَفْتُ الذي فيك ... من النُّبْلِ والسَّنَا والكمالِ

لا تظنَّنَّ حَدْبَةَ الظهر عَيْباً ... فَهْي للحسْنِ من صفات الهلال

وكذاك القسيُّ مُحْدَوْدِبَاتٌ ... وهْيَ أنكى من الظُّبَا والعوالي

ودناني القُضاةِ وهْيَ كما تَعْلَمُ ... كانتْ موسومةً بالجمال

وأَرَى الإِنحناءَ في مَنْسِر الكا ... سر يُلْفَي ومِخْلَبِ الرِّنبالِ

وأبو الغُصْنِ أنت لا شك فيه ... وهْوَ رب القوام والإعتدال

كَوَّنَ الله حَدْبَةً فيك إن شئ ... تَ مِنَ الفضل أو من الإفضالِ

فَأَتَتْ ربوة على طود حلمٍ ... منك أو موجة ببحر نوالِ

ما رأتْها النساءُ إلا تمنَّتْ ... لو غَدَتْ حِلْيَةً لكل الرجالِ

وإذا لم يكن من الهجر بُدٌّ ... فعسى أن تزورني في الخيالِ

وهذه الأبيات لم يقل مثلها في أحدب وهي في ابن أبي حصينة الذي أصله من المعرة. وله في المهذب جعفر المعروف بشلعلع:

لا تَصْحَبَنَّ سوى المهذَّب جَعْفَرٍ ... فالشيخُ في كل الأمور مُهَذَّبُ

طَوْرَا يُغَنِّي بالرَّبَاب وتارةً ... تأتي على يده الرَّبَابُ وزينبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>