ليس يدري ما المزاميرُ ولا ... يسمع الصّنْجَ ولا ذاق المداما
لا ولا تحمِله الأطماعُ أن ... ينقضَ العهدَ إذا أعطى الذِّماما
بيتُه كعبة بِشْر نصبت ... يفصم العزّ عن الناس انفصاما
ركنها يُمْنى يديه فاجعلوا ... بدل الركن بيُمناه استلاما
لذوي الحاج زحامٌ حولها ... زحمَةَ الحجّاج قد زاروا المقاما
كل وِردٍ هكذا مستعذب ... يُكثر الناس حواليهِ الزِّحاما
[الشيخ أبو الحسين ابن الصبان المهدوي]
قال: ورد الشم، واشتم بارق الفضل وشام، ولقي دولة نور الدين، وتوفي بدمشق سنة ستين، فمما أنشد لنفسه في مدح جبارة ابن أبي العينين صاحب سوسة قوله:
أرى دمعَ عينيك فاض انهمالا ... أظنّ الأحبةَ راموا زِيالا
أعدّوا الجِمال ليوم الرّحيل ... فزدتُ اشتياقاً وزادت جَمالا
وبين السّجوف هلاليةٌ ... تحل النقاب فتبدي الهلالا
وتبدي أناملَ مثل اللجين ... كُسينَ من الوشي سحراً حلالا
بعيدة مهوى مجال الشنوف ... وفي جيد أحْوى بدا القرط خالا
من البدويّات تهوى البروق ... إذا هبّتِ الريح عنها شمالا
وتنتجع الغيثَ حيث استهل ... فتطلب سهلاً سقى أم تلالا
تشدّ سُحَيراً لغاراتها ... فتلزم سرجاً وتلقى جلالا
منازلَنا بحواشي الكثيب ... سُقيتِ الغوادي غزاراً بلالا
فكيف عهدت الصبا ناسياً ... نناجي غزالته والغزالا
ويا رُبّ بيداء عند الهجير ... قطعتُ سباسبها والرِّمالا
بعَيرانةٍ أجُدٍ عرْمسٍ ... تُجدّ فتجذب آلاً فآلا
إذا ونيَت قمت في غرزها ... أقول لها سوف ننسى الكلالا
سألقي زمامَك في منزل ... تشدّ الرجال إليه الرّحالا
بحيث جبارة مُستمْطر ... يجود على معتَفيه نَوالا
فتىً للعشيرة عزّ لها ... غدا لجميع البرايا ثمالا
إذا ما العشيرة في حادث ... شكت مرضاً طب منها اعتلالا
وقال في صبي نصراني خمّار بمدينة صقلية:
ومزنّر عقَد الصليبَ بنحره ... وأدار حول وشاحه إنجيلا
خمدت بجنح الليل جمرة ناره ... فأقام خمرة دنّه قَنديلا
متطلع لذوي السُرى من كأسه ... نجمٌ يكون الى الصباح دليلا
[أبو عمران ساكن بن عامر الهلالي]
أصله من عرب بني هلال بإفريقية، قد مضى ذكر نسبه وهو معنى الفضل الى مطلع أدبه، ورد الى دمشق، ولما أنشدني الشريف إدريس شعره، ذكر أنه مقيم بها في سنة إحدى وسبعين وهو الذي أفادنا بمن أوردناهم من الشعراء وذكرناهم من الفضلاء.
ومن شعره:
إذا مرّ من أهوى أغضّ له طرْفي ... وأخفي الذي بي من سقام ومن ضعفِ
وأكتم عنْ سرّي هواه صيانةً ... ولو كان في كتمانه أبداً حتفي
مخافةَ أن يشكو فؤادي تحرّقي ... الى مقلتي يوماً فتبدي الذي أخفي
وأنشده زيد الحتسب بدمشق هذا البيت:
هُدِّدْتُ بالسلطان فيك وإنّما ... أخشى صدودَك لا من السلطان
والده أبو ساكن
عامر بن محمد بن عسكر الهلالي
ذكر أنه كان بدوياً، وأميراً سرياً، أنشد له ولده من قصيدة كتب بها الى قومه:
يا جار طرْفي غير هاجعْ ... والدمعُ من عينيّ هامعْ
ولقد أرقتُ مسامراً ... نجماً بدا في الشرقِ طالع
متذكّراً بصروف ده ... رٍ أصبحت فينا قواطع
إني من الشمِّ الألى ... أهل العلا أبناءِ جامع
أهلِ المراتبِ والكتا ... ئبِ والمواهبِ والصنائع
يتسابقون الى المعا ... لي كلّهم فيها مُسارِع
ولقد ملكنا قابساً ... بالمشرفيات القواطع