للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنّك بيت الله والحرم الذي ... لعزّته ذل الملوك الأعاظم

وقد رفعت منك القواعد بالتقى ... وشادتك أيد برّة وعواصم

وساويت في الفضل المقام كلاهما ... ينال به الزلفي وتمحى المآثم

ومن أين تعدوك الفضائل كلها ... وفيك مقامات الهدى والمعالم

ومبعث من ساد الورى وحوى العلى ... بمولده عبد الإلاه وهاشم

نبي حوى فضل النبيين واغتدى ... لهم أولا في فضله وهو خاتم

وفيك يمين الله يلثمها الورى ... كما يلثم اليمنى من الملك لاثم

وفيك إبراهيم إذ وطيء الصفا ... ضحى قدم برهانها متقادم

دعا دعوة فوق الصَّفا فأجابه ... قطوف من الفج العميق وراسم

فاعجب بدعوى لم تلج مسمعي فتى ... ولم يعها إلا ذكيّ وعالم

ألهفي لأقدار عدت عنك همّتي ... فلم تنتهض مني إليك العزائم

فياليت شعري هل أرى منك داعيا ... إذا جأرَتْ لله فيك الغماغم

وهل تمحون عني خطايا اقترفتها ... خطى فيك لي أو يَعْمُلاتٍ رواسم

وهل لي من سقيا حجيجك شربة ... ومن زمزم يروي بها النفس حائم

وهل لي في أجر الملبين مقسم ... إذا بذلت للناس فيك المقاسم

وكم زار مغناك المعظم مجرم ... فحطت به عنه الخطايا العظائم

ومن أين لا يضحي مرجيك آمنا ... وقد أمنت فيك المها والحمائم

لئن فاتني منك الذي أنا رائم ... فإن هوى نفسي عليك لرائم

وإن يحمني حامي المقادير مقدما ... عليك فإني بالفؤاد لقادم

عليك سلام الله ما طاف طائف ... بكعبتك العليا وما قام قائم

إذا نسم لم يهد عني تحية ... إليك فتهديها الرياح النواسم

أعوذ بمن أسناك من شر خلقه ... ونفسي فما منها سوى الله عاصم

وأهدي صلاتي والسلام لأحمد ... لعليّ به من كبّة النار سالم

[الوزير الأستاذ أبو الحسين ابن سراج]

أطرى فضله، بما أطرب أهله، وذكر أنه لما ضمت عليه من القبر ضلوعه، عفت رسوم المجد ودرست ربوعه، وتفرقت جموعه، وعادت المعارف مناكر، والمعالم مجاهل، وأورد له من رقعة خاطبه بها: كتبت وروض العهد قد أفصحت أناشيده، وديوان الود د صحت أسانيده، ودوح الإخاء يتفاوح زهرا، ويتناوح مجتني ومهتصرا، والله يصوب مزنته بشآبيب الوفاء، ويمنح نغبته، أعلى درجات العذوبة والصفاء، برحمته، وأما تلك المراجعة فكأنها لما عاقت عقّت، وقد نالها من عتابي في ذلك ما استحقت.

وله يصف كتابا:

كتاب يزدري بالسحر حسنا ... وسمت به زمانك وهو غفل

معان تعبق الآفاق عنها ... يشيب لها حسودك وهو طفل

وله في ثوب رآه على غير أهله، وكان عهده، على من كان يوده:

يا لابس الثوب لا عربت من سقم ... ولا تخطاك صرف الدهر والغير

ويحي عليه ولهفي من تبدّله ... كم قد تطلّع من أطواقه القمر

وكم ترنّح في أثنائه غصن ... منعم النبت يدمي خده النظر

وكم ثنيت يدي عنه وقد نعمت ... وظل منها فتيت المسك ينتثر

فاليوم أوحش عما كنت أعهده ... كذاك صفو الليالي بعده الكدر

وله:

لما تبوأ من فؤادي منزلا ... وغدا يسلط مقلتيه عليه

ناديته مترحما من زفرة ... أفضت بأسرار الضمير إليه

رفقا بمنزلك الذي تحتلّه ... يا من يخرّب بيته بيديه

وله:

لئن لم تفز عيناي منك بنظرة ... ولم أقض من لقياك ما كنت آمل

فعالم ما تخفي السرائر عالم ... بأنّك في عيني وقلبي ممثل

وأنّك ممن أنتحيه بخلتي ... وأمحضه ودي لصدر وأوّل

وله:

بما يعينيك من غنج ومن دعج ... ومن صوارم تنضوها على المهج

<<  <  ج: ص:  >  >>