للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن جزائي صفاء الود أضمره ... إذا القلوب انطوت منه على كدر

جاراك ذهني في مضمارك فكبا ... ذهني وفزت بخصل السبق والظفر

وهل بطليوس في نظم مناظرة ... يوما لقرطبة في حكم ذي نظر

وله من مكاتبة: نحن نتدانى إخلاصا، وإن كنا نتناءى أشخاصا، ويجمعنا الأدب، وإن فرقنا النسب، فالأشكال أقارب، والأداب مناسب، وليس يضر تنائي الأشباح، مع تقارب الأرواح، وما مثلنا في هذا الانتظام، إلا كما قال أبو تمام:

نسيبي في رأيي وعلمي ومذهبي ... وإن باعدتنا في الأصول المناسب

وله في الزهد:

وما دارنا إلا موات لو أننا ... نفكر والأخرى هي الحيوان

شربنا بها عزّا بدون جهالة ... وشتان عز للفتى وهوان

وله من قصيدة يمدح المستعين ابن هود:

هم سلبوني حسن صبري إذ بانوا ... بأقمار أطواق مطالعها بان

لئن غادروني في اللوى إنّ مهجتي ... مسائرة أضغانهم أينما كانوا

سقى عهدهم بالخيف عهد غمائم ... ينازعها مزن من الدمع هتّان

أأحبابنا هل ذلك العهد راجع ... وهل لي عنكم آخر الدهر سلوان

ولي مقلة عبري وبين جوانحي ... فؤادٌ إلى لقياكم الدهر حنّان

تنكّرت الدنيا لنا بعد بعدكم ... وحفت بنا من معضل الخطب ألوان

ومنها:

رحلنا سوام الحمد عنها بغيرها ... فلا ماؤها صدَّا ولا النبت سعدان

إلى ملك حاباه بالمجد يوسف ... وشاد له البيت الرفيع سليمان

إلى مستعين بالإلاه مؤيد ... له النصر حزب والمقادير أعوان

بوجه ابن هود كلما عرض الورى ... صحيفة إقبال لها البشر عنوان

فتى المجد في برديه بدر وضيغم ... وبحر وقدس ذو الهضاب وثهلان

من النفر البيض الذين أكفهم ... غيوث ولكن الخواطر نيران

ليوث شرى ما زال منهم لدى الوغى ... هزبر بيمناه من السمر ثعبان

وله يعزّي الوزير أبا عيسى ابن لبون في أخيه:

للمرء في أيامه عبر ... ولصفو يحدث بعده كدر

خرس الزمان لمن تأمّله ... نطق وخبر صروفه خبر

نادى فأسمع لو وعت أذن ... وأرى العواقب لورأى بصر

كم قال: خبّوا طالما هجعت ... منكم عيون حقها السهر

أبأذن من هو مبصري صمم ... أم قلب من هو سامعي حجر

لولا عماكم عن هدى نذري ... ومواعظي ما جاءت النذر

هذي مصارع معشر هلكوا ... ووعظتكم بالصمت فاعتبروا

ومنها في الشيب:

قالت أرى ليل الشباب بدت ... للشيب فيه أنجم زهر

فأجبتها: لا تكثري عجبا ... من شيبة لم يجنها كبر

بكن طويت من الهموم لظى ... أضحى لها في عارضي شرر

ومنها:

حسنت شمائلكم وأوجهكم ... فتطابقا مرأى ومختبر

والحسن في صور النفوس وإن ... راقتك من أجسامها الصور

لا ضعضعت أيدي الخطوب لكم ... ركنا ولا راعتكم الغير

وله في وصف فرس:

وأدهم من آل الوجيه ولاحق ... له الليل لون والصباح حجول

تحيّر ماء الحسن فوق أديمه ... فلولا التهاب الخضر ظل يسيل

كأن هلال الأفق لاح بوجهه ... فأعيننا شوقا إليه تميل

كأنّ الرياح العاصفات تقلّه ... إذا ابتلّ منه محزم وتليل

إذا عابد الرحمان في متنه علا ... بدا الزهو في العطفين منه يجول

فمن رام تشبيها له قال موجزا ... وإن كان وصف الحسن منه يطول

هو الفلك الدوار في صهواته ... لبدر الدياجي مطلع وأفول

وله يتشوق حرسها الله تعالى:

أمكّة تفديك النفوس الكرائم ... ولا برحت تنهل فيك الغمائم

وكفت أكفّ السوء عنك وبلغّت ... مناها قلوب في ثراك حوائم

<<  <  ج: ص:  >  >>