شاعر، أديب، متطبب، أصله من سبتة، ذكره بعض أهل الأدب بمصر، وقال: ورد الى البلاد المصرية سنة أربع وأربعين وخمسمائة، ومضى منه الى اليمن، ورحل الى غَدن من عدن، وسافر الى الشرق، في طلب الرزق، وزار العراق، ودار الآفاق، وله من قصيدة في الوزير الجواد جمال الدين أبي جعفر محمد بن علي بن منصور بالموصل:
أإخوانَنا ما حُلتُ عن كرم العهدِ ... فيا ليتَ شِعري هل تغيّرتُم بعدي
وكم من كؤوس قد أدرتُ بوِدّكمْ ... فهل ليَ كأس بينكمْ دار في وِدّي
أحِنّ الى مصرَ حنينَ متيّم ... بها مستهامَ القلبِ محترِقَ الكبْدِ
ومنها:
أراهُم بلحظِ الشوق في كل بلدة ... كأنّهمُ بالقرب منّي أو عندي
ولو أنّ طعْمَ الصّاب جرّعْتُ فيهمُ ... لفضّلتُه للحبّ فيهم على الشهد
ومنها في المخلص:
فكم قد قطَعْنا من مفاوِزَ بعدَهم ... وخُضْنا بها الصعْب المرامِ من الوهْد
الى أن وصلْنا الموصلَ الآن فانتهتْ ... بنا لجمالِ الدّين راحلةُ القصْدِ
وله من قصيدة في مدح الدّاعي عمران بن محمد بن سبأ، بمدينة عدن:
صبا الفؤادُ لريمٍ رمتُه فأبى ... وكان من شأنِه التّبريزُ فاحتجَبا
عاطَيتُه الكأسَ فاستحيَتْ مدامتها ... من ذلك الشّنبِ المعسول إذ عذُبا
حتى إذا غازَلتْ أجفانَه سنَةٌ ... وصيّرَتْه يدُ الصّهباء مُقترِبا
ظَلْنا به طرَباً من حسنِ نَغمتِه ... في عودِه نجْتني التّأنيسَ والطّرَبا
ونقطعُ الليلَ شدْواً بامتداح فتى ... غدا لخيرِ انتسابٍ حازض مُنتَسبا
فتى توارث دسْتَ المُلكِ في عدَنٍ ... ببابِه عن أبيه الأوحدِ ابنِ سَبا
وله في مدح أحمد بن راشد صاحب بلاد الشّحر:
اللهُ يعلمُ والفضائلُ تشهدُ ... أنّ ابنَ بجْدَتِها ابنُ راشد أحمدُ
ومنها:
لما حططتُ ببابه حفّتْ بنا ... منهُ مكارمُ في القرى لا تُجحَدُ
وتبسّمَ الجَعْدُ الثّرى لي ضاحكاً ... واخضرّ بالأرض البسيطةِ فرقدُ
وبدَتْ ليَ البشْرى من البِشْر الذي ... أبداه لي لألاؤه المتوقِّد
ورأيتُ همّتَهُ وبُعدَ صعودِها ... فعجِبْتُ من هِممٍ إليها تصْعَد
ابن شقرق السّبتي
ذُكِر لي سنة ثلاث وسبعين بمصر أنّه يعيش.
له في مدح عبد المؤمن صاحب المغرب:
قِفوا عيسَكُم في حضرةِ الملكِ الأتقى ... وقضّوا بلَثْم التُربِ من ربعِه حَقّا
وحُثّوا المَطايا المقرِباتِ ويمِّموا ... ذَراهُ الرّحيبَ الأخصبَ الأمنعَ الأوْقى
ونادِ قِطارَ العيسِ شتّان بيننا ... فيا جِدّ ما تلقى ويا جِدّ ما ألقى
سأشْدو معاليه احتفالاً كما شدَتْ ... على الرّوضةِ الغنّاء ساجعةٌ وَرْقا
ولوْ رامتِ الأفكارُ مدحةَ غيرِه ... لما أحرزَتْ فهْماً ولا وجدَتْ نُطْقا
ومنها:
وما هو إلا رحمة لمن اهتدَى ... وغوث وغيث هاطل شمَلَ الخَلْقا
وشدّ عُرَى التّوحيد فاشتدّ أزْرُه ... فدونكَ فاستمْسِكْ بعُروتِه الوُثْقى
هو البحرُ حدّثْ عن عطاياهُ إنّها ... عطايا جوادٍ عمّتِ الغرْبَ والشّرْقا
ودعْ حاتماً في جودِه فهو مثلُ ما ... تحدِّثُ عن بَيضِ الأنوقِ أو العَنْقا
وله الى صديق له:
دعني أطيلُ تأسّفي وتفجّعي ... قلبي غداةَ البيْن جِدّ مروّعِ
تبدّتْ ببَينِهمُ القطارُ فأصبحتْ ... كبِدي وقلْبي يجرِيان بأدمُعي
أسفي على زمن الوصال كأنّني ... لم أستظِلّ بظِلّه في مربَعِ
فلأمْنَعَنّ الجَفْنَ من طعْمِ الكَرى ... أسَفاً على ذاك الزّمانِ المُمْرِعِ
ولأحْفظنّ العهدَ من خِلّ نأى ... بعد التألّفِ والوِدادِ المُمْتِعِ
ومنها يصف السفينة ويحثّ صاحبه على ركوبها: