للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فله على القمر المنير فضيلةٌ ... كفضيلة القمر المنير على السُّها

جَمُّ البهاء كأنَّما جُمِعَت له ... تلك الصفاتُ الغُرُّ من شِيَمِ البها

البدرُ يَقصُرُ أنْ أُقايسَه به ... والشمسُ تَصغُرُ أن أشبِّهَه بها

وظلمت شامِخَ مجده إنْ جئته ... عند المديح ممثِّلاً ومُشَبِّها

ومنها:

أنتم، بني الزَّهراءِ، أهلُ الحُجَّة الزَّهْ ... راءِ إنْ فطنَ المُجاورُ أوْ سَها

فإلامَ يُجحَدُ في البريَّةِ حَقُّكُمْ ... قد آنَ للوَسنانِ أنْ يتنبَّها

صُنتُم ببذل عُروضِكُم أعراضَكُم ... وصيانة الأعراض في بذل اللُّها

ماذا أقولُ وما لِوصفِ عُلاكُمُ ... حَدٌّ ولا لِنُهاكُمُ مِنْ مُنتهى

منكم سَنا الشَّرف المُبينُ جميعُه ... وإلى بهاء الدينِ بعدَكُمُ انتهى

وأنشدني له سعيد بن عبد الواحد بن حياة:

لا غَرْوَ إنْ كان مَنْ دوني يفوزُ بكم ... وأنثني عنكُمُ بالويلِ والحَرَبِ

يُدنى الأراكُ فيُمسي وهو مُلتثِمٌ ... ثغرَ الفتاةِ ويُلقى العودُ باللَّهَب

وأنشدني له في المِروحة:

وقابضةٍ بعِنان النسيم ... تصرِّفُه كيف شاءت هُبوبا

فمن حيث شاءت أهَبَّتْ صباً ... ومن حيث شاءت أهبَّت جَنوبا

تُضَمَّخُ بالطيبِ أردانُها ... فتُهدي لمُلبسها الطّيبَ طِيبا

إذا أقبل القَرُّ كانت عدوّاً ... وإن أقبل القيظُ صارت حبيبا

وقوله أيضاً في وصف غلام ينظر في مرآة:

روحي الفداءُ لساجي الطرف ساحرِه ... تَحار في وصفه الألبابُ والفِكَرُ

يُرَنِّحُ التّيهُ قدّاً منه مُعتَدِلاً ... كالغُصنِ ما شانه طولٌ ولا قِصَرُ

بدا لنا فازدهانا حسْنُ صورته ... حتى امترَيْنا لها في أنه بشَرُ

وقابلَتْ وجهَهُ مِرآتُه فبدَتْ ... كأنَّها هالةٌ في وسْطِها قمر

وقوله:

وإنّي وإنْ وطَّنْتُ نفسي على النَّوى ... وكانت بأذيال المُنى تتعلَّقُ

لَتَعتادُني من ذِكْرِ ليلى وساوِسٌ ... تكاد لها نفسي على النأي تزْهَقُ

أُظَنُّ لإظهار التَّجَلُّدِ سالياً ... وفي كبدي نارٌ من الحبِّ تحرُقُ

أَساكِنَةَ الزَّوراءِ رِفقاً بهائمٍ ... شآمٍ، له قلبٌ مع الحبِّ مُعرِقُ

حشاه على بُعدِ المَزار مُدَلَّهٌ ... خَفوقٌ، ومَسعاهُ لقربِكَ مُخفِقُ

خُذي قلبَهُ رَهناً ورُدِّي له الكَرى ... لعلَّ خيالاً منكَ في النوم يَطرُقُ

فواعجبا للطّيفِ ليس بواصلٍ ... إلى الجَفْنِ إلاّ وهو وَسْنان مُطبَق

يَصدُّ إذا الأبواب تُفتَحُ دونَهُ ... ويَقرُبُ منها شخصُه حين تُغلَق

وما ذاك دأبُ الزّائرينَ وإنّما ... زيارتُه للصّبِّ فَقْدٌ مُنَمَّق

[القائد أبو المجد محمد بن سعيد]

أصله من المعرَّة يُعرف بابن حُرَيْبَة، له رياسَة وكياسة، يتولّى الدواوين، ويتصرّف للسلاطين، وله رأيٌ مصيب، وخاطر في النّظم مجيب. ممّا أنشدني لنفسه:

وروضٍ أنيق من شقيقٍ كأنّه ... خُدودُ العَذارى يَنتَقِطْنَ بإثْمِدِ

يُضاحِكُ من نَورِ الأقاحي أهلَّةً ... من التِّبْر في هالاتِ دُرٍّ مُنَضَّدِ

وأنشدني له من قصيدة طويلة في صلاح الدين عند نصره على المَواصلة:

وكان قد عَمَّهُمْ عَفواً لو اعترفوا ... لعمَّهم فضلُه لكنَّهم جحدوا

والعفو عندَ لئيمِ الطَّبْعِ مَفسَدَةٌ ... تَطْغى، ولكنَّه عند الكريم يَدُ

ولمّا وصلنا إلى حمص متوجِّهين في خدمة الملك الناصر إلى حرب الحلبيين والمَواصِلة في شهر رمضان سنة إحدى وسبعين تلقّانا القائد أبو المجد فأنشد الملكَ الناصِرَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>