وفيم التَّجَنِّي على من جَرَى ... على وَفْقِهِ في جميعِ المحابِّ
[خالد بن سنان الإسكندراني]
له يذم مدينة يافا بساحل الشام، قبل استيلاء الفرنج الطغام:
مُقَامي بين أَظْهُرِ أَهْلِ يافا ... مُقَامُ غَضَنْفَرٍ بين الكلابِ
تَصَوَّرُ أنه يعدو عليها ... فتنبَحُه وتُسْرِعُ بالذهاب
ولو علموا بأني ذو لسانٍ ... يغادرُ عرضَهُمْ خَلقَ الإهابِ
[المظفر بن ماجد المصري]
له:
تَعَبِي راحتي وأُنْسِي انْفِرادِي ... وشِفَائي الضَّنَا ونَوْمِي سُهادي
لستُ أَشْكُو بعادَ من صدَّ عني ... أَيُّ بُعْدٍ وَقَدْ ثَوَى في فؤادي
هو يختالُ بين جَفْني وعيني ... وهْوَ ذاك الذي يُرَى في السواد
جماعة التقطتهم من الأفواه
وهم عزيز والأمثال والأشباه
العيني
من أهل مصر أنشدني له القاضي الأجل الفاضل، ونحن بظاهر حماة مخيمون في خدمة الملك الناصر، حادي عشر رمضان سنة سبعين، وذكر أنه كان في زماننا الأقرب:
رحلوا فلولا أنني ... أَرجو الإياب قضيت نَحْبِي
والله ما فارقتهمْ ... لكنني فارقتُ قلبي
ووجدت هذين البيتين في رسالة أبي الصلت منسوبين إلى ظافر الحداد، وأنشد له أيضاً:
هذا كتابي إليكمْ لستُ أُودِعُهُ ... إِلاَّ السلامَ وما في ذاك تلبيسُ
لأن شوقي إليكمْ حين أَذْكُرُهُ ... نارٌ وما تُودَعُ النارَ القراطيسُ
وذكره نجم الدين بن مصال وقال: كان من الأكياس معدوداً من الأجناد مذكوراً بالباس، مطبوع الشعر رائقه، موافق النظم لائقه، توفي سنة ست وأربعين، وأنشدني له:
ما أَنْصَفَتْ أَيامُنَا بيننا ... وما لها معذورةٌ عندنا
مجتهدٌ خاب بها سَعْيُهُ ... وعَاجِزٌ أَدْركَ فيها المُنَى
كذا الليالي لم يَزَلْ يشتكي ... صروفها مَنْ قَدْ مَضَى قبلنا
[أبو الزهر نائت الضرير]
ذكره المرهف بن أسامة بن منقذ، قال: اجتمعت به بمصر سنة أربعين وخمسمائة، وأنشدني لنفسه من قصيدة:
لو كنتُ أَمْلِكُ صَبْري يومَ ذي سَلَمِ ... لما نزلتُ على حكم الهَوَى بدمي
تبسمَ الروضُ عما أنت مبتسمٌ ... فكنتَ أحسنَ منه غيرَ مُبْتَسمِ
ومنها في المدح: وكان الممدوح قد وقعت ضربة في أنفه في بعض الحروب، فجدعته:
لا صوحبتْ ببنانٍ راحةٌ جَدَعَتْ ... أَنْفَ الزمانِ وجَذَّتْ مَارِنَ الكرمِ
ودلَّ ما ناله في الحرب من قُبُلٍ ... بأنه كانَ فيها غيرَ مُنْهَزِم
قيل لي: كان يحفظ نائت الضرير كتاب سيبويه جميعه، وكان هجاءً، ومن شعره في الهجاء قوله:
ونائبٍ هو في ذا الدهر نائبةٌ ... وأَقرعٍ هو عندي من قوارِعِهِ
قفاهُ يشهدُ وهو العَدْلُ أَنَّ يدي ... لا توقعُ الصفعَ إلاَّ في مواضعه
يحيى بن علم الملك المعروف ب
ابن النحاس المصري
وصل مع الملك الناصر صلاح الدين إلى الشام في خدمة تقي الدين، وله شعر. وجدت له قطعة كتبها إليه في أواخر سنة إحدى وسبعين:
يا مالكَ المصرِ والشامين واليمنِ ... ويا مُعيدَ حياةِ الفَرْضِ والسَنَنِ
وناصرَ الحقِّ إذ عَزَّتْ خواذِلُهُ ... ومنقذَ الدين والدنيا من الفِتَنِ
يا يوسفَ الحُسنِ والإحسانِ لا بَرِحَتْ ... نجومُ سَعْدِكَ والتوفيقِ في قَرَنِ
جادَ الملوكُ بمالٍ بَعْدَ مَنِّهِم ... وجُدْتَ بالمال والأرزاقِ والمنن
لقد بُعِثْتَ لإصلاح الوجودِ فما ... أَصبحتَ إلا مَحَلَّ الروح في البدن
وما يداجيكَ إلا كافرٌ أَشِرٌ ... وينثني عنك إلا عابدُ الوَثَنِ
ببابِ عدلك مظلومُ القوى زَمِنٌ ... يشكو إليك الأَذَى من عبدك الزَّمَنِ
وإن تلافَتْهُ من بعد التَّلافِ يَدٌ ... بَسَطْتَهَا لتقيِّ الينِ بالمِنَنِ