للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استعنتُ على الحياة بأنني ... تغدو عليَّ قناعةٌ وتروحُ

والعمر قد ذهب البقاء بشَرْخِهِ ... عني، وأخلس عارضٌ ومَسيحُ

فإذا كنى رجلٌ طلاقَ معيشةٍ ... يوماً، فتسريحي لها تصريحُ

لم يُدْنني طمعٌ إلا طَبَعٍ ولا ... شِعري لجائزة عليه مديحُ

أغلقتُ باب الحِرص خَشيةَ وَقفةٍ ... بفِناء مَن ما بابه مفتوحُ

وعفوتُ عن جُرم الزمانِ ولم أُرِدْ ... منه القِصاص وفيّ منه جروحُ

وله من قصيدة أولها:

أبدى الفِراقُ كواكبَ الأغلاسِ ... فانقادَ صَعْبُ مُناك بعد شِماسِ

جعلوا الوداعَ لنا مَواعِدَ نلتقي ... فيها، فكان رجاؤُنا في الياسِ

ولَرُبَّ نَاْيٍ كان فيه من الضَّنا ... شافٍ، ومن كَلْمِ الصّبابةِ آسِ

ومنها في صفة القلم:

لا يبلغُ الشرفَ اليراعُ وإنما ... خَيْرُ الرِّياسة ما أتى برئاسِ

بمُهنّدٍ في جسمه من جَوْهَرٍ ... ما في الفتى من جوهرٍ حسّاس

وأَصمَّ رَعّاف وليس بذي دمٍ ... فتراه يَرْعَفُ من دماء الناس

أَظْمَى، كَصِلِّ الرمل، يُؤمَنُ مَتْنُه ... والحَتفُ راسٍ في شَباةِ الراس

كلاّ مَنارُ العلم أرفعُ والعُلى ... مقرونةٌ منه إلى أمراس

فُرسانُه فوق الدُّسوتِ وما همُ ... كمُلازمي سَرَواتِها الأحْلاسِ

إن طاعنوا فبألسُنٍ، أو ناضلوا ... أغنى قياسهمُ عن الأقواس

أفراسُهم قَصَبٌ، لها قصبُ المدى ... فضلاً إذا مَزَعَتْ مع الفرّاس

رُقْشٌ يذوبُ لُعابُها، أفواهُها ... لا ذاتُ أنيابٍ ولا أضراس

مَبئرِيّةٌ فإذا تبارَتْ قَطَّرَتْ ... عَرَقَاً من الأنقاسِ في الأطراس

تجري إذا هي بالشباب تلفّعت ... ونقوم إن بلغت إلى الأحلاس

أكياس مالهمُ القلوب، وهكذا ... خُلقُ السَّراةِ وشيمة الأكياس

وبحارهُمْ كُتب العلوم فكلما ... قرأوا أصابوا الدُّرَّ في قرطاس

وهي الحُلِيّ لهم ولكن ربّما ... فُقِدَتْ فأعطتهم من الوسواس

وله:

ولما التقينا للوداع، وقلبُها ... وقلبي يفيضان الصَّبابةَ والوَجْدا

بكتْ لؤلؤاً رَطْبَاً ففاضَتْ مَدامعي ... عَقيقاً، فصار الكلُّ في نَحْرِها عِقْدا

وله من قصيدة في ولد له مات فرآه في النوم:

أهلاً بطيف خيالِكَ المُعتادِ ... شَقَّ الترابَ إليَّ شِقُّ فؤادي

أهدى الثرى لي في الكرى شخصاً له ... أهديتُه حَمْلاً على الأعوادِ

شتّانَ بين الحالتين قَبَرْتُه ... في يقظتي، ونشرتُه برُقادي

ومصائبُ الآباء بالآحادِ إن ... يوجدْ لها جَلَدٌ ففي الآحادِ

أنشدني القاضي الصفيّ أبو غانم بن حُصَيْن قال: أنشدني والدي أبو البيان محمد قال: أنشدني عمّي أبو يعلى في الزلّي والمنشفة الرومي عند دخول الحمام:

وروميٍّ خلعتُ عليه يوماً ... ثيابيَ كلَّها مع طيلساني

فلا بالمنطق الروميّ أثنى ... عليّ وقال هذا قد كساني

ولا قال اشكروا عني فلاناً ... فإني لا يُطاوعني لساني

فعُدت لأخذها فتشبّثتْ بي ... له أختٌ من البيض الحسانِ

وأنشدني بالإسناد له في الوسخ والمُدَلِّك مُلغِزاً:

رُبَّ قميصٍ مكَّنْتُ منه فتىً ... مَزَّقه فاستبانَ للعَينِ

وكان يَخْفَى عنها فأظهره ... وحاكه كلّه طِرازَيْنِ

هذا معناه أن المُدلِّك في الحمّام يجمع الوسخ كله على العضدَيْن كأنه طِرازيْن.

أخوه أبو سعد

عبد الغالب بن أبي حُصَيْن عبد الله

ذو سعد، وجد له طالب، ذكره السمعاني في تاريخه وذكر أنه أنشده له ابن أخيه أبي البيان:

<<  <  ج: ص:  >  >>