للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا راكباً يطوي الفلا ... بشِمِلَّةٍ حَرْفٍ وَخودِ

عرِّجْ بمشهَد كرْبَلا ... وأَنِخْ وعَفِّرْ في الصعيد

واقْرَ التَّحيَّةَ وادع يا ... ذا المجد والبيت المشيدِ

أولادُك الأنجابُ في ... أرض الجزيرة كالعبيد

أوقافهم وَقفٌ على ... دَفٍّ ومِزمارٍ وعُودِ

ومُدامةٍ خُضِبَتْ بها ... أيدي السُّقاة إلى الزّنود

ودَعِيُّ بيتكَ لا يُفَكِّ ... رُ في الجحيم ولا الخلود

يَحتَثُّها وَردِيَّةً ... تُصبي النفوسَ إلى الخُدود

هو وابن عَصرونَ الطوي ... ل ويوسف النَّذل اليهودي

إن كان هذا ينتمي ... حقَاً إلى البيت المَشيد

فإلى يزيد إلى يزيدِ ... إلى يزيد إلى يزيدِ

أخوه:

شمس الدين القاسم بن عبد الله الشهرزوري

تولَّى قضاء الموصل، وكان واعظاً له قَبول، وكان له بأْسٌ على المبتدعة صؤول، توفي بعد سنة ثلاثين وخمسمائة. وتنسب إليه هذه الأبيات في معنى حُسْن الشخص ومعه والده قبيح المنظر:

آهِ ما أَقربَه لِلْ ... أُنْسِ لو كان يتيما

فإذا ما أَقبلا، عا ... يَنْتَ قُمْرِيّاً وبوما

ذا يُسلّي الهَمَّ إنْ غَنَّ ... ى وذا يُدني الهُموما

أَقضى القضاة محيي الدين أبو حامد محمد بن محمد بن عبد الله

[الشهرزوري]

قاضي حلب، هو ابن كمال الدين المحيي، كريم المحيا، قسيم المُحيّا، عديم المِثل، عظيم المحلّ، زاكي الأَصل، نامي الفضل، إنسان عين الشهرزوريّة، وواسطة قِلادتها، ورابطة سعادتها، ولَيْثُ خِيسِها، وأَسد عِرِّيسها، ومُشتري سعدِها، ومشتري حمدها، وعُطارد عطائها، وقمر سمائها، وشمس أوجها، ونجمُ بُرجِها، طَوْد الحِلم، وخِضَمّ العلم، وقُسّ الفصاحة، وقيس الحَصافة، وبحر السّماحة، وعمرو الحماسة، ما رأيت أكرم طبعاً منه، ولا أعدى نفعا، ولا أجدى جَدا، ولا أندى يدا، ولا أنبل قدراً، ولا أنبه ذِكراً، ولا أَورى زَنْداً في الجود، ولا أروى وِرداً للوفود، علمه حالٍ بالعفاف، وفضله كامل الأوصاف، وذكاؤه ذكاء أفق التوفيق، وسَهم فهمه سَديد المَرْمَى صائب التَّفويق، له النَّظم الرّائق، والنَّثر المُوافق، واللفظ السهل، والمعنى البِكر، هو قِرْني، وفي سِنّي، مولده سنة تسع عشرة وخمسمائة سنة مولدي، ومَورده في طلب العلم موردي، اجتمعنا ببغداد في المدرسة النّظاميّة سنة ست وثلاثين شريكين في الفقه موسومين بالإعزاز، عند شيخنا ابن الرزَّاز، ثم فرَّق بيننا الدهر إلى أن وافقته في الحجِّ سنة ثمان وأربعين، فلقيت منه الأخ المعين، ثم لم ألقه إلاّ سنة اثنتين وستّين، عند حصولي بالشام، لعوادي الأيّام، فانتظمت في سلك خدمة نور الدين إلى آخر أيّامه، وهو مقيمٌ على قضائه وإعلاء أَعلامه، وإحكام أَحكامه، لازِمين داره بحاضر حلب شهراً بعد وفاة نور الدين، سنة سبعين، فراقتني خلائقه، وأطربتني شمائله، وهزَّتني فواضله، وأنشدني له شِعراً كثيراً لم أُثبت منه إلاّ ما أَوردتُه، وهو من قصيدة يتشوَّق فيها إلى دمشق:

يا نسيمَ الصَّبا العليل تحمَّل ... حاجةً للمتيَّم المُستهام

عُجْ على النَّيربَيْنِ فالسَّهم فالمِزَّ ... ةِ مسترسلاً بغير احتشام

ثم عرِّجْ من بيت لِهْيا على مَقْ ... رى فَسَطْرا من قبل سَجْع الحَمام

وتعثَّر بكلِّ روضٍ أَنيقٍ ... ضاحكِ الزَّهر من بُكاء الغمام

وتحمَّل رَيّا البنفسج والنَّر ... جِسِ والضَّيمَرانِ والنَّمام

والخُزامَى والأُقحوان وأَنفا ... سَ الغواني معاً ونَشر المُدام

وتتبَّع مساحِبَ المِرْطِ مِنْ لَمْ ... ياءَ واقصد مواقع الأقدام

وتأَرَّجْ بالمَندَل الرَّطب من مَسْ ... قَط تلك الأذيال والأَكمام

ثمَّ قبِّل ثرى دمشق وبلِّغ ... ساكنيها تحيَّتي وسلامي

<<  <  ج: ص:  >  >>