للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما اهتزَّ غُصْنِيَ إِلاَّ في رُباكَ ولَمْ ... تَنْبُتْ قناتِيَ إِلاّ في ثَرَى نِعَمِكْ

ومنها:

أَنَا ابْنُ نِعْمَتِكَ المشكورِ مَوْقِعُها ... وعَبْدُ طاعتك المشهورُ في خِدَمِكْ

وقوله، وقد أزعج من وطن كان يألفه:

يا دارُ ما أنت لي داراً ولا وطنَا ... ولا قَطينُك لي أَهلاً ولا سَكَنا

لئن تنكرتِ لي عما عهدتُ لقدْ ... خَرَّبْتُ فيكِ الذي عَمَّرْتُهُ زمنَا

أَتشتكين لبَيْنٍ حُمَّ عن بَلَدٍ ... نَفْسِي تَرَى الذي في أنْ تَسْكُنَ البَدَنا

وقوله من قصيدة:

فأرْماحهُمْ مثلُ العرائس ما تني ... مخضبةً أطرافُها بالدم القاني

ومنها:

ولم ينثنوا حتى غدا الماءُ وهو مِنْ ... دماءِ عِدَاهُمْ لا يَحِلُّ لظمآنِ

ومن الشعراء الذين ذكرهم أبو الصلت في رسالته:

[أبو الحسن علي بن البرقي]

من أهل قوص كانت بينه وبين ابن النضر صداقة، يقول:

رماني الدهر منهُ بكلِّ سهمٍ ... وفاجأني ببَيْنٍ بعد بَيْنِ

وأَلَّفَ في فؤادي كلَّ حُزْنٍ ... وفَرَّقَ بَيْنَ أَحْبابي وبَيْنِي

ففي قلبي حَرَارَةُ كلِّ قَلْبٍ ... وفي عيني مدامعُ كلّ عيْنِ

وله من أبيات:

ولي سَنَةٌ لم أَدْرِ ما سِنَةُ الكَرَى ... كأنَّ جُفوني مِسْمَعِي والكَرَى عَذْلُ

ومنهم:

[أبو محمد عبد الله بن الطباخ الكاتب]

له يهجو رجلاً:

قَصُرَتْ أَخادِعُهُ وغَاضَ قَذَالُهُ ... فكأَنَّهُ مُتَوَقِّعٌ أَنْ يُصْفَعَا

وكأنَّه قد ذاقَ أَوَّلَ دِرَّةٍ ... وأَحَسَّ ثانيةً لها فتَجَمْعَا

وأورد له غير أبي الصلت قوله:

أَطِلْ مُدَّةَ الهجرانِ ما شئت وارفضِ ... فما صدُّك المُضْنِي الحَشا صَدُّ مُبْغِضِ

وإِلا فما للقلبِ أَنى ذَكَرْتُكُمْ ... ينازِعُنِي شوقاً إِليكم ويَقْتَضِي

ولولا شهاداتُ الجوانحِ بالذي ... علمتمْ لما عَرَّضْتُ نَفْسِي لِمَعْرَض

ومنها:

وكم سائلٍ معْ كلِّ هذا عن القِلَى ... وعَنْ صبرِكمْ عَنِّي فقلت كذا قُضِي

فيا مُبْعدي بالظنِّ والظنُّ كاسمه ... سلِ الناسَ عن مَشْهور خُلْقِي وارْتَضِ

أَيَحْسُنُ أَنْ تُرْوِي سِوَايَ حِياضُكُمْ ... وأُحْرَمَ منها جُرْعَةَ المُتَرَرِّضِ

أَخِلْتُمْ بأني قد تبدلتُ بعدكم ... هممتُ وشاورتُ الفؤاد فما رَضِي

فإن قلتَ إِني اعتضتُ أرضاً بغيرها ... صدقتَ ولكنْ منكَ لمْ أَتَعَوَّضِ

هذا عكس قول الآخر:

تلقى بكل بلاد إِنْ حللتَ بها ... أهلاً بأهلٍ وجيراناً بجيران

أَقِلْ واصطنعْ واصفحْ ولِنْ واغتفرْ وجُدْ ... ونِلْ وتفضلْ واحبُ وانْعِمْ وعَرِّضِ

ولا تُحْوِجَنِّي للشفيعِ فما أَرى ... به ولو انَّ العمر في الهجر ينقضي

فما أحدٌ في الأرض غيرَك نافعي ... وأَنت كما تهوى مُصِحِّي ومُمْرِضي

ومالكَ مِثْلي والحظوظُ عجيبةٌ ... ولكنَّ منْ يُكْثِرْ على المرءِ يُدْحَضِ

ومنهم من يقول وهو:

[محمود بن ناصر الإسكندراني]

كاتب ابن حديدٍ، في طبيب أعلم مشوه الخلقة:

صديقنا المستطبُّ نادرةٌ ... قد أَخَذَتْ منه أعين الناسِ

أنيابُ غولٍ ومِشْفَرَا جملٍ ... ورأسُ بَغْل وذقنُ نِسناس

ومنهم من يقول وهو:

مروان بن عثمان اللكي

تمكَّنَ مني السقمُ حتى كأنَّني ... تَوَهُّمُ مَعْنىً في خَفِيِّ سُؤَالِ

ولو سامحتْ عيناهُ عينيَّ في الكرى ... لأَشْكَلَ من طيفِ الخيال خيالي

سَمَحْتُ بروحي وهيَ عِنْدِي عزيزةٌ ... وجُدْتُ بدمعي وهو عِنْدِي غالِي

وقد خفتُ أَنْ تَقْضِي عليَّ منيَّتي ... ولم أَقْضِ أَوطاري بيومِ وصال

<<  <  ج: ص:  >  >>