هل العيشُ إلا قربُ دارِ أحبةٍ ... هل الموتُ إلا أن يخفَّ قَطِين
وهل لفؤادي منذ شطَّ مزارها ... من الوجدِ إلا زفرةٌ وأَنين
أبيت رقيبَ النجمِ منها كأنما ... عيونيَ لم يُخْلَقْ لهنَّ جفون
ومنها:
كأنّ ظلامَ الليل إذ لاحَ بدرُه ... دَجُوجيُّ شَعْرٍ لاح منه جبينُ
كأنّ الثريا ترقُب البدر غَيْرَةً ... فقد هجرتْ منها المنامَ عيون
كأن سهيلاً في مطالع أُفقه ... فؤادُ مَرُوعٍ خامرتُهُ ظنون
كأن السها تبدو أواناً وتجتلى ... لدى الليل سرّاً في حشاه مصونُ
وقد مالت الجوزاءُ حتى كأنها ... كميٌّ بخطِّيِّ السماكِ طعين
ومنها في المخلص:
كأن صلاحَ الدين للشمس نورها ... ولولاه ما كان الصباحُ يَبِين
وقال:
لو كانت الأمراض محمولةً ... يحملها العبدُ عن المَوْلَى
حملتُ عن جسمك كل الأذى ... وكان جسمي بالضَّنا أولى
وقال:
إلى الله أشكو نارَ شوقي كما شكا ... إلى الله فقدَ الوالديْنِ يتيمُ
رحلتمْ فسار القلبُ أنَّى رحلتمُ ... ولكنَّ وجدي ثابتٌ ومقيم
ولمّا بكتْ عيني دماءً لفقدكمْ ... تيقنتُ أن القلبَ فيه كلوم
وقال في العذار:
وشادنٍ لما بدا مقبلاً ... سبَّحْتُ ربَّ العرش باريهِ
ومذ رأيتُ النملَ في خدّهِ ... أيقنتُ أنّ الشَّهْدَ في فيه
وقال:
يا ربَّ خَوْدٍ زرتُهَا ... في الليل بعد هُجودِهَا
فاجأتها فتبالهتْ ... فلزمت ضمَّ نهودها
ورشفتُ خمرَ رضابها ... وجنيتُ وردَ خدودها
وأَمنتُ في قِصَرِ الوصا ... لِ حياةَ طولِ صدودها
حتى إذا ولَّى الدجى ... في عدِّها وعديدها
وبدت جيوشُ الصبح في ... أَعلامِها وبنودِها
فارقتُها ومدامعي ... تحكي جُمَانَ عقودِها
وقال من قصيدة في المدح:
مُرْدِي الكتائبِ بذَّالُ الرغائبِ فَضَّاحُ ... السحائبِ بَرُّ القولِ والعَمَلِ
والغافرُ الذنبِ عفواً عند قدرته ... والرائعُ الخطبِ قَسْراً غيرَ محتفل
إذا طَوَتْ خيلُهُ في السير مرحلةً ... طَوَى الردى من عداه مُدَّةَ الأجل
بكل قَرْمٍ يلاقي الموت مبتهجاً ... كأنما الموتُ ما يرجو من الأمل
يلذُّ في السلم تقبيلَ اللمى شغفاً ... لحبِّهِ في القَنَا سُمْر القَنَا الذُّبُل
[الشريف النقيب النسابة بمصر]
شرف الدين أبو علي محمد بن أسعد بن علي بن معمر أبي الغنائم بن عمر ابن علي ابن أبي هاشم الحسين النسابة بن أحمد النسابة بن علي النسابة ابن إبراهيم بن محمد بن الحسن الجواني الحسيني كان نقيب مصر في الأيام المصرية. والآن فهو ملازم مشتغل بالتصنيف في علم النسب، وهو فيه أوحد، وله فيه تصانيف كثيرة.
قرأت بخطه كتاباً إلى بعض الأشراف بدمشق في سنة إحدى وسبعين، قد صدره بهذه الأبيات:
أَحنُّ إلى ذكراك يابنَ مُحَسَّنٍ ... وأَرجُو من الله اللقاءَ على قُرْب
لما لَكَ في قلبي من الموضعِ الذي ... يرى فيه كل الحب مُبْراً من الخِبِّ
وللمفخر السامي الذي قد حويتَهُ ... وسار مسيرَ الشمسِ في الشرق والغرْبِ
فأصبحتَ تاجاً للفخار ومَفْرِقاً ... وقطبَ المعالي بل أَجلَّ من القطب
فلا عَدِمَتْ روحي الحياةَ فإنها ... قرينةُ ما يأتي إلي من الكتب
وقرأت أيضاً بخطه من كتاب كتبه إلى الأمير عز الدين حارن لما قصده بالشام، في أوله هذه القصيدة:
تُرَى هاجكم ما هاجني من جوى البعدِ ... وهل كَرْبُكُمْ كربي وهل وجدكم وجدي
لئن جَلَّ ما أبديه شوقاً إليكم ... فإنَّ الذي أُخفيه أَضعافُ ما أبدي