لي منزلٌ لا شيءَ فيه ... كأنَّهُ كِيسي وراسي
[أبو عبد الله بن الخمشي الإسكندري]
شاعرٌ قريب العصر. أنشدني سيدنا القاضي الفاضل للمذكور أول قصيدة:
سِمِ الزُّرْقَ أطرافَ الظُّبَا واللهاذمِ ... وشِمْ من غمود الجِدِّ بيضَ العزائمِ
وله في رجل ينعت بعين الملك:
أَلا إِنَّ مُلْكاً أَنْتَ تُدْعَى بعينهِ ... جديرٌ بأن يمسي ويصبحَ أعورا
فإن كنتَ عينَ المُلْكِ حقاً كما ادَّعَوْا ... فأنتَ له العينُ التي دَمْعُهَا جَرَا
وله
قد قال لي العاذلُ في حُبِّهِ ... وقَوْلُهُ زورٌ وبهتان
ما وَجْهُ من أَحْبَبْتَهُ قبلةٌ ... قلتُ ولا قولُكَ قُرْآنُ
[الفقيه المعروف بالفسناس]
له من قصيدة يمدح بها أبا جعفر أحمد بن حسداي:
خلعتُ رداءَ التَّصَابي المُعَارا ... وكان بفَوْدِي غرابٌ فطارا
وكم خُضْتُ باللهو ليلَ الشبابِ ... إلى أَنْ أَرَاني المشيبُ النهارا
لئن كَدَّر الشيبُ صفوَ الشبابِ ... وبات برغمي دياراً ديارا
فلا بأس إِنْ مُدَّ لُجُّ البعادِ ... فإنَّ لكلِّ مَسيلٍ قرارا
التاريخ
محمد بن إسماعيل المعروف بالتاريخ
قريب العصر، من أهل مصر، ومن شعره قوله:
ما زال يسترُ وَجْدَهُ بجحودهِ ... جَزَعاً من الواشي ومن تَفنِيدِهِ
والدمعُ أجدرُ مَنْ ينمُّ لأنه ... عَدْلُ الشهادةِ في أَسيلِ خدوده
فعسى مدامِعُهُ تَفيضُ بعبرةٍ ... تُطْفِي لهيبَ فُؤَادِهِ ووقودِهِ
وله
هذا الرئيسُ أَبو عليٍ فالْقَهُ ... وانظرْ فما أَخبارُه كعِيانهِ
هذا يزيدُ لوارديه تكرُّماً ... أَبداً وذاك يزيدُ في نقصانهِ
إن كنتَ ترغبُ في الحياة مُمَتَّعاً ... بالسَّعْدِ فالْحَظْ وَجْهَهُ أو دانِهِ
وقوله:
ألا فاسْقِياني ما تُدِيرُ ثناياهُ ... وما أَوْدَعَتْ من خمرِها بابلٌ فاهُ
ولا تُنكر اسُكْرِي بغير مُدَامَةٍ ... فسيانِ عندي ريقُهُ وحُمَيَّاهُ
إذا كان كأسي مُتْرعاً من رُضَابِهِ ... ونُقْلِيَ ما يُبْدي من الوَرْدِ خدَّاه
كَفَانيَ رَيْحاناً وراحاً سُلافُ ما ... حَوَى ثَغْرُهُ أو أَنْبَتَتْهُ عذاراه
غزالٌ ينابيعُ المدامع وِرْدُهُ ... وروضُ القلوبِ المستهامةِ مَرْعاه
سلِ البانَ عنه هلْ مِنَ البان أَصْلُهُ ... فريَّاهُ رَيَّاهُ، ورُؤْياهُ رُؤْياهُ
فلله ما أَشجى فؤاداً مَلَكْتهُ ... وأَغْرَاهُ بالبيضِ الحسانِ وأَصْبَاه
وكان يتصرف في باب الحكم، وولى قاضٍ يعرف بالنابلسي شديد التحرز، قليل التسمح، فبلغه علوقه باللهو، فصرفه، فكتب إلى أبي الرضا ابن أبي أسامة:
ضاقتْ على مملوككمْ سَعَةُ الفَضَا ... وقضَى وقاتِلُهُ الذي وَلِيَ القَضَا
ماذا وقد عَلِقَتْ به يدُ دهره ... يا دهرُ أين حُنُوُّ قلبِ أَبي الرِّضَا
وله
لاهٍ بغانيةٍ وراحِ ... ناهٍ لعاذلةٍ ولاحِ
ما زال يشربُ كأسَهُ ... صِرْفاً على ضَرْب المِلاح
ما بين زمزمةِ البنو ... دِ وبين وَسْوَاسِ الوِشاح
حتى مضى مِسْكُ الدجى ... فأنارَ كافورُ الصباح
وله يمدح ابن التبان وكان رئيساً في البحر:
لما تَوَجَّه نحو مصرٍ قادماً ... والدهرُ بين يديه من أَعوانهِ
نَشَر السفين جناحَهُ في راحهِ ... كجناحِ رحمته وفيضِ بَنَانهِ
فتبارك الرحمنُ أَيَّةُ آيةٍ ... بحرٌ يكونُ البحرُ من رُكْبانه
يا جَنَّةً للقاصدين تَزَخْرَفَتْ ... لهمُ وطابَ الخُلْدُ في رِضْوَانِه
فلذاك لما اخضرَّ دَوْحُ نَوالِهِ ... غَنَّتْ طيورُ الحمدِ في أَغْصَانهِ
وله