رُدّوا الصِّبا كردّ طرْفِ لحظةٍ ... إنّ الصِّبا زمانُه حميدُ
وخلّصوني من تكاليفِ الهوى ... إنّ الهوى عذابُه شديدُ
أو لا فنادوا ثم بيعوا مُهجتي ... بنظرةٍ فيمن عسى يَزيدُ
أو فاجمَعوا شيبي وذُلّي في الهوى ... وطول تعذيبي بمن أُريدُ
ما فعلت بالأنفُس البيض الظُّبا ... ما فعلت بنا الظِّباءُ الغيدُ
سنَحْنَ بالوادي فماذا فعلت ... بالأنفُس الأجيادُ والخدودُ
وله من قصيدة:
أسيرُ هوى المحبّةِ ليس يُفْدى ... ومقتولُ التّجنّي لا يُقادُ
ومن قد أمرضته وأتلفته ال ... عيونُ فلا يُفادُ ولا يُعادُ
فقدْتُ الصّبرَ حين وجدْت وجْدي ... وجاد الدّمعُ إذ بخلَتْ سُعادُ
وكنت أخافُ بُعدي يوم قُربي ... فكيف أكون إن قرُب البِعادُ
ديارَهُمُ كساكِ الزّهرُ ثوباً ... وجادَ على معاهدِك العِهادُ
ألا هل لي إلى نجدٍ سبيلٌ ... وأيامي برامةَ هل تُعادُ
أقول وقد تطاول عمرُ ليلي ... أما للّيلِ ويحَكُمُ نفادُ
كأنّ الليلَ دهرٌ ليس يُقضى ... وضوءُ الصُبح موعدُه المَعاد
أعيدوا لي الرّقادَ عسى خيالٌ ... يزورُ الصبّ إن عادَ الرُقادُ
وبيعوني بوصلٍ من حبيي ... وفي سوق الهوانِ عليّ نادوا
فلو أنّ الذي بي من غرامٍ ... يُلاقي الصّخرَ لانفطرَ الجمادُ
وثِقتُ الى التصبّر ثمّ بانوا ... فخان الصّبرُ وانعكس المرادُ
وكان القلبُ يسكنُ في فؤادي ... فضاع القلبُ واختُلِس الفؤادُ
وقالوا قد ضللْت بحبّ سُعدى ... ألا هذا الضّلالُ هو الرّشادُ
وهل يسلو وِدادَهمُ محبٌّ ... له في كل جارحةٍ وِدادُ
وآنفُ من صلاحي في بعادي ... ويُعجبني مع القربِ الفسادُ
وبين الرملِ والأثلاتِ ظبيٌ ... يصيدُ العاشقين ولا يُصادُ
أحمُّ المُقلتيْن غَضيضُ جَفنٍ ... تكِلّ لطرفِه البيضُ الحِدادُ
أقولُ وقد تحجّبَ عن لِحاظي ... حبيٌ بالجَفا عنه أُذادُ
أراك بمقلتي وبعين قلبي ... لأنّك من جميعهما السّوادُ
لمن وأنا المَلومُ ألومُ فيما ... على نفسي جنيتُ أنا المُفادُ
سعى طرْفي بلا سببٍ لقتلي ... كما لدمِ الحسينِ سعى زِيادُ
وله:
سترَ الغرامُ فهتّكته الأدمُعُ ... والدمعُ يُعلنُ ما تُجنّ الأضلع
وأعار في الأغصان كلّ حمامةٍ ... نوحاً فرقّ له الحمامُ السُجّعُ
واستنّ برقٌ بالحِجاز فشاقه ... ذاك الوميضُ وأقلقته الأربُعُ
وكذا المشوقُ إذا تذكّر منزلاً ... هاجت بلابلَهُ البُروقُ اللُّمَّعُ
يا قلبُ هل لك في السّلوِّ طَماعةٌ ... أم ما مضى لك من زمان يرجِعُ
أم هل لمن أسرَ التّجني مُنقذٌ ... إنْ أنّ في قيدِ الصّبابةِ موجَعُ
كيف السّبيلُ الى الحجاز ولعلَعٍ ... من بعدِها بعُدَ الحجازُ ولعْلَعُ
أوطارُ شوقٍ في الفؤادِ مقيمةٌ ... وغليلُ حُبٍّ في الحشا لا ينقَعُ
من للمحبّ ترحّلت أحبابُه ... بلِوى العقيق عن العقيق وودّعوا
خذلَتْه أنصارُ التّصبّر في الهوى ... يومَ الفراقِ وساعدته الأدمعُ
قِفْ وقفةً عنّي ببُرقةِ عاقلٍ ... وسلِ الطّلولَ وهل يُجيك بلقَعُ
واستخبرِ الرّسمَ القديمَ وقل له ... أين الكثيبُ وأين ذاك الأجرعُ
بل أين سكّان الحِمى فلئِنْ سرَوا ... عن مُقلتي فلهم بقلبي مربَعُ
أضحت هوادجُهم لدُرِّ رُبوعهم ... صدَفاً وهنّ على الحدائجِ تُرفَعُ
وله: