لما غدوتَ من الأجوادِ منتخَباً ... أتاك شري بمدحٍ فيك منتخَبِ
فلا مددتَ يداً إلا الى ظفَرٍ ... ولا وطِئْتَ ثرىً إلا على أرَبِ
وله من قصيدة في مدحه:
جرّبتُ أبناءَ هذا الدهرِ كلهمُ ... ولم أجِدْ صاحباً يصفو به الرّنَقُ
إنْ حدّثوا عن جميلٍ من خلائقهم ... مانوا وإن حدّثوا عن ميْنِهم صدقوا
هم العُدوّ فكن منهم على حذَرٍ ... لا يخدعَنْك له خلْقٌ ولا خُلُقُ
تغيّر الدهرُ والإخوانُ كلهمُ ... مالوا عليّ فلا أدري بمن أثِقُ
وله من قصيدة:
أعنِ العَقيقِ سألتَ برقاً أومَضا ... أأقامَ حادٍ بالرّكائب أو مضى
إن جاوز العلمَيْن من سِقْط اللّوى ... بالعيس لا أفضى الى ذاك الفضا
وله:
حيِّ جيراناً لنا رحلوا ... فعلوا بالقلب ما فعلوا
رحلوا عنّا فكم أسَروا ... بالنّوى صبّاً وكم قتَلوا
من لصَبٍّ ذابَ من كمَدٍ ... طرفُه بالدّمعِ منهملُ
فهْو من شدْوِ النّوى طرِبٌ ... وهْوَ من خمرِ الهوى ثمِلُ
واقفٌ بالدّارِ يسألُها ... سفَهاً لو ينطقُ الطّللُ
لو تُجيبُ الدارُ مخبرةً ... أين حلّ القومُ وارتحلوا
لتشاكَيْنا على مضضٍ ... نحن والأوطانُ والإبِلُ
يا صَبا نجدٍ أثرتِ لنا ... حُرَقاً في القلب تشتعلُ
غرّدَ الحادي ببَينِهمُ ... فله يومَ النّوى زجَلُ
يا شُموساً في القِباب ضُحىً ... حجبْتها دوننا الكِلَلُ
عجْن بالصبِّ المشوقِ فقد ... شفّه يومَ النّوى الملَلُ
وله:
ألِفْتُها وللحُدا تغريدُ ... عن رامةٍ إنْ وصلتْ زَرودُ
فلاحَ برقٌ بثنيّاتِ الحِمى ... تُشيمُه للأعينِ الرّعودُ
فمالتِ الأعناقُ منها طرباً ... كما يُميلُ الناشدَ المنشودُ
أسكرها خمرُ السُّرى تحت الدُجى ... لا الخمرُ ما جاء به العُنقودُ
وللنّسيم في الظلام يقظةٌ ... مسامرو الرّكْبِ بها رُقودُ
نوقٌ إذا ما سلِمتْ من الوجى ... أذابَها التّسْآدُ والتّسهيدُ
تبغي زَروداً حاجةً ممنوعةً ... ومقصِداً مرامُه بعيدُ
لو خُلّيتْ نالت ولكنْ عافها ... أنّ امتناعَ ركبِها قُيودُ
أو نطقت قالت كما قلت لها ... آهاً لهذا البينِ ما يُريدُ
في كل يومٍ للفراق روعةٌ ... وللرّكاب سائقٌ غِرّيدُ
دأبُ المحبّين الغرامُ والجوى ... ودأبُها الأنساعُ والقيودُ
قد شابهَ الرّكبُ الرِّكابَ في الهوى ... فكلّهم بوجْدِه عميدُ
ما للغمامِ لا عدا وادي الغضَى ... عليه من خِلاله يجودُ
وهبّ خفّاقُ النّسيم فانثنت ... غصونُه مائسةً تَميدُ
واكتستِ الكُثبانُ زهْراً مثلما ... بصِبغها لُوِّنَتِ البُرودُ
وفاحَ نشْرُ الرّوضِ تحدوهُ الصّبا ... فطاب من ريّاهُما الصّعيدُ
وابتسم النّوْرُ على هامِ الرُبا ... كما وهت عن نظمها عقود
ومالتِ الأغصانُ روّاها النّدى ... كأنّما أوراقُها بُنودُ
فلستُ أدري أغصوناً مِسْنَ لي ... أم خطرَتْ بلينِها القُدودُ
هيهاتَ يُخفي ما به مُتيّمٌ ... دموعُه بوجْدِه شهود
مجتمعُ الأضدادِ من جُفونِه ... بحرٌ ومن أحشائِه وَقودُ
عاد الهوى فليتَ أيامَ الصِّبا ... مثلُ الهوى كما مضت تعودُ
والشّعراتُ البيضُ شُبْنَ مفرِقي ... فليتَها عادت وهنّ سودُ