للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُموسٌ إذا جلسوا في الدُّسوتِ ... بدورٌ إذا أظلمَ القسطلُ

غُيوثٌ إذا ضَنَّ قطر السماء ... ليوثٌ إذا زحفَ الجَحفلُ

فكلُّهُمُ سادةٌ للأنامِ ... ولكن أبو بكرٍ الأفضل

وكلّهم صحبوا المصطفى ... ولكن أبو بكرٍ الأَوَّلُ

وله في التنزيه:

أَقسمتُ بالمبعوث من هاشمٍ ... والشافع المقبول يوم الجِدالْ

ما ربُّنا جِسمٌ ولا صورةٌ ... موصوفةٌ بالميل والإعتدال

وهْو على العرش اسْتوى لا كما ... تستوطن الأجسامُ فوق الرّحال

نزوله حَقٌّ ولكنَّه ... مقدَّسٌ عن رحلةٍ وانتقال

وما له قَطُّ انفصال عن الْ ... شيءِ ولا بالشيء منه اتِّصال

هذا هو الحقُّ وما قاله الْ ... مُشْبِهِيُّ الغِرُّ عين المُحال

ومن يقلْ: لله في خلقه ... مثلُ فقد جاوزَ حدَّ الضَّلال

وقال في المعنى:

عَزَّتْ مَحاسنه فجَلَّ بها ... في الوصف عن شِبهٍ وعن مِثلِ

نطقَ الجمالُ بعذر طالبه ... فانكفَّ عاذلُه عن العذل

مَن ظنَّ أنَّ اللهَ يجمعُه ... قُتْرٌ أَحال أَدِلَّةَ العقلِ

أو قال إنَّ الله يشبههُ ... شيءٌ فذلك غاية الجهل

هذا الصراط المستقيم فمن ... يَسلكْ سِواه يَضِلُّ في السُّبْلِ

وتوفي كمال الدين الشهرزوري يوم الخميس سادس المحرَّم سنة اثنتين وسبعين بدمشق عن ثمانين سنة، وولده محيي الدين أبو حامد بحلب قاضيها فعمل في والده مرثية:

أَلِمُّوا بسَفحَيْ قاسيون فسلِّموا ... على جدثٍ بادي السَّنا وترحَّموا

وأدُّوا إليه عن كئيبٍ تحيّةً ... يكلِّفكمْ إهداءَها القلب لا الفمُ

وبالرَّغم منّي أن أُناجيه بالمُنى ... وأسأل مع بعد المدى من يسلِّمُ

ولو أنَّني أَسطيع وافيتُ ماشياً ... على الرّأسِ أَسْتاف التُّراب وأَلْثِمُ

لحا الله دهراً لا تزال صروفه ... على الصِّيد من أبنائه تتغَشْرَمُ

إذا ما رأَينا منه يوماً بشاشةً ... أتانا قُطوبٌ بعدها وتجهُّمُ

وهل يطلب الإنصاف في النّاس حازمٌ ... من الدهر وهو الظالمُ المُتحكِّمُ

ومَن عرفَ الدُّنيا ولؤمَ طِباعِها ... وأصبح مُغترّاً بها فهو ألأمُ

تُرَدِّيكَ وَشياً مُعلَماً وهو صارمٌ ... وتُوطيكَ كفّاً رَخصةً وهي لَهذَمُ

وتُصفيك ودّاً ظاهراً وهي فاركٌ ... وتُسقيك شَهداً رائقاً وهو علقَمُ

فأين ملوكَ الأرضِ كسرى وقيصرٌ ... وأين قضى من قبلُ عادٌ وجُرهُمُ

كأَنَّهم لم يسكنوا الأَرضَ مرَّةً ... ولم يأمروا فيها ولم يتحكَّموا

سلبتَ أباً يا دهر منّي مُمدَّحاً ... وإنِّيَ إنْ لم أَبكِه لَمُذَمَّمُ

وقد كان من أقصى أمانيَّ أنّني ... أُجَرَّعُ كاساتِ الحِمام ويسلَمُ

سأُنسي الورى الخنساءَ حُزناً وحسرةً ... ويخجل مني في البكاء مُتمِّمُ

لقد رجع الشُّمّات عنّي وكلُّهمْ ... بنار أسىً بين الحَشا تتضرَّمُ

وحَسبُكَ من رزءٍ يحِلُّ حُلوله ... بمَنْ كان يهوى أن يراه ويَعظُمُ

فيا ساكناً قلبي ودون لقائه ... مسافةُ بعدٍ حدُّها ليس يُعلَمُ

وقفت عليكَ الحمدَ بعدَك والثَّنا ... يُنثَّرُ ما بين الورى ويُنظَّمُ

لقد عدمت منك البريَّة والداً ... أَحَنَّ من الأُمِّ الرَّؤوم وأرحمُ

وكلُّهُمُ مثلي عليك محرَّقٌ ... وباكٍ ومسلوب العزاء ومُغرَمُ

ولا سيَّما إخوانُ صِدقٍ بجلَّقٍ ... همُ في سماء المجد والجود أنجمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>