للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كنتُ أَدري قبل قطع هِباته ... إِليَّ الفيَافي أَنَّ أَنْعُمَهُ رَكْبُ

ثم طالعت مجموع عمارة بن أبي الحسن اليمني الذي قال في أوله: ذكر شعراء اليمن ممن روي لي عنه أو رأيته فذكر أن أبا عبد الله الحسين بن علي القمي مولده بزبيد وفيها تأدب وكان أبوه يشعر، وساد أبوه في أيام الداعي علي بن محمد الصليحي، وكتب ولده الحسين هذا على خط ابن مقلة وحكاه، وكان شاعراً ومترسلاً يكتب عن الحرة، وكان في علو الهمة وسمو القدر واضح الحجول والغرة، وقد أورد من شعره رواية قوله:

الليَّلُ يعلمُ أَني لستُ أَرقُدُهُ ... فلا يَغُرُّك من قلبي تَجلُّدُهُ

فإِن دَمْعي كصَوْبِ المُزْن أَيْسَرُهُ ... وإِنَّ وَجْدي كحَرِّ النّار أَبْرَدُهُ

لي في هوادِجِكُمْ قلبٌ أَضِنُّ به ... فَسَلِّموه وإِلاّ قُمْت أَنْشُدُهُ

وبان للنّاس ما كُنّا نُكَتِّمُهُ ... من الهوى وبدا ما كنتُ أَجْحَدهُ

وقوله في مدح الداعي سبأ بن أحمد الصليحي، وكان يسكن معقلاً يقال له أشيح:

إِن ضامَك الدَّهْر فاستعصِم بأَشْيَح أَو ... أَزْرى بك الْفقرُ فاستمطِر بَنانَ سَبا

ما جاءَهُ طالبٌ يَبْغي مَواهِبَه ... إِلاّ وأَزْمَع منه فَقْرُه هَرَبا

تَخالُ صارمَه يومَ الْوَغى نَهَراً ... تَضَرَّمتْ حافَتاه مِنْ دَمٍ لَهَبا

بَني المُظَفَّرِ ما امْتدَّتْ سماءُ عُلاً ... إلاّ وأُلْفِيتُمُ في أُفْقِها شُهُبا

إِنَّ امرءاً كنتَ دون النّاس مطلَبَهُ ... لأَجدَرُ النّاس أَنْ يَحْظى بما طَلَبا

وقوله من قصيدة أولها:

أَما ونِعْمَةِ عافٍ مُخْفِق الطَّلَبِ ... رَمى إِلى غايةٍ نَحْوي فلم يَخبِ

لأَقْنَعَنَّ بِعَيْشٍ دائمِ الرَّتَب ... حتى أُبَلِّغَ نَفْسي أَشرَفَ الرُّتَب

لمْ لا أَرومُ التي أَسبابُها جُمِعتْ ... عندي وقد نالهَا قومٌ بلا سبب

أَخيفَةَ الموتِ أَثْني النَّفْسَ عن شَرَفٍ ... إِذاً بَرِئْتُ من الْعَلياءِ والأَدب

لا خيرَ في رجلٍ لم يُوهِ كاهِلَه ... حَمْلُ اللِّواءِ أَمامَ الْجحفَلِ اللَّجِبِ

يَظُنُّ هِنْدِيَّه هِنْداً فيَلْثِمُه ... فما يَزالُ بلَيْلٍ مُعْرس الضَّرَب

من مليح ما قيل في هذا المعنى قول المعري:

يقَبِّلُ الرُّمْحَ حُبّاً للطِّعان به ... كأَنما هو مَجْموعٌ من اللَّعَسِ

كأَنَّ ما في غُروبِ الْبِيضِ مِنْ شَنَبٍ ... مكانَ ما في غَروب الْبيض من شُطَبِ

فقُلْ لِقَحْطانَ إِنْ طاب الْهوانُ لها ... لا أَرْغَم اللهُ إِلاّ آنُفَ العربِ

إِنْ أُغْضِ أُغْضِ عَلَى ذُلٍّ ومَنْقَصَةٍوإِن أَصُلْ لا أَجِدْ عَوْناً عَلَى النُّوَبِ

وغالِبُ الظَّنِّ أَنِّي سوف يَحمِلني ... عُلوُّ نفسي عَلَى الإِقدام والْعَطَبِ

وقوله من قصيدة يهنئ بها المكرم بن علي زوج الملكة الحرة بدخوله عليها:

وكَرِيمَةِ الْحَسَبَيْنِ تكْنُف قَصْرَها ... أُسْدٌ تهاب الأُسْدُ من صَوْلاتها

وتكادُ من فَرْط الْحياءِ تَغُضُّ عن ... تِمْثالها الْمَرْئِيِّ في مِرْآتِها

ظَفِرَتْ يداكَ بها فَبَخٍّ إِنَّما ... لك تَذْخَرُ الْعَلْياءُ مَضْنُوناتِها

وقوله من قصيدة يمدح بها عبد الواحد بن بشارة وأحسن التخلص إلى مدحه:

ولئِن ذكرْتُ هَوَى الظَّعائن جُمْلَةً ... والْقَصْدُ صاحِبةُ الْبعيرِ الواخِد

فكما يُعَدُّ الأَكرمون جَماعةً ... والواحِدُ الْمَرْجُوُّ عبدُ الواحدِ

نُبِّئْتُ أَنك قد أَتتك قوارصٌ ... عنّي ثَنَتْك عَلَى الضَّمير الواجِدِ

عمِلتْ رُقى الواشين فيك وإِنها ... عندي لتضربُ في حديدٍ باردِ

وقوله من قصيدة:

مُشَهَّرُ الفضلِ إِنْ شمسُ الضُّحى احتجبَتْ ... عنِ الْعيون أَضاءَ الأُفْقَ سُودَدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>