للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خلفه ابنه عيسى بن جعفر سنة ٣٧٠ وظل يلي مكة حتى عام ٣٨٤ وجاء بعد عيسى أخوه أبو الفتوح الحسن بن جعفر، وقد استثاره الحاكم بأمر الله حين طلب إليه أن يتنقص أقدار الصحابة رضوان الله عليهم في الموسم، ثفار وخلع الطاعة، وبايع لنفسه، وتلقب بالراشد، وخرج من مكة يريد الشام، ووصل الرملة، ودانت له العرب، وسلموا عليه بالخلافة، فاضطر الحاكم إلى استمالة قبائل طي، وآل الجراح بخاصة وسيدهم حسان بن مفرج، للتخلي عن أبي الفتوح، ووفق في ذلك، فلم يجد أبو الفتوح بداً من الملانية، فاستجار بمفرج، أبي حسان، وكتب له هذا إلى الحاكم، فرضي عنه الحاكم، وأبقى له ولاية مكة.

وفي خلال هذه الثورة التي ابتعد فيها أبو الفتوح عن مكة سنة ٤٠١ وليها، بأمر من الحاكم، أو تغلب عليها، أبو الطيب داود بن عبد الرحمن بن أبي الفاتك عبد الله بن داود بن سليمان بن عبد الله الصالح بن موسى الجون ... ولكنه تنحي لأبي الفتوح حين عاد، وظل أبو الفتوح والياً حتى مات سنة ٤٣٠.

وخلف أبا الفتوح ابنه شكر، وجمع له بين الحرمين، مكة والمدينة، وتوفي والياً سنة ٤٥٣. وبموته انقطعت ولاية أسرته على مكة، لأن عمه عيسي لم يعقب ولأن أباه الفتوح لم يكن له ولد إلا شكر، ومات شكر ولم يولد له قط.

والفترة التي تلت وفاة شكر فترة غامضة، تصدى فيها للولاية عبد من عبيد شكر، فأغضب ذلك بني الطيب ونازعوه، واحترب بنو موسى وبنو الطيب السليمانيون حيناً من زمن، وكانت الغلبة لبني سليمان، ويظهر أن ولاية مكة في هذه الفترة كانت إلى رجلين منهم أحدهما: محمد بن أبي الفاتك بن عبد الرحمن بن جعفر، والآخر حمزة بن وهاس بن أبي الطيب داود السليماني.

ودخل مكة سنة ٤٥٥ صاحب اليمن علي بن محمد الصليحي وانتزع إمرتها من بني أبي الطيب السليمانيين، ولما انصرف عائداً إلى اليمن أناب عنه أبا هاشم، تاج مجد المعالي، محمد بن أبي الفضل جعفر بن أبي هاشم الأصغر محمد بن عبد الله بن أبي هاشم الأكبر محمد بن الحسين الأمير بن محمد الثائر بن موسى الثاني بن عبد الله الصالح بن موسى الجون.. - فكأنما رد الولاية إلى جماعة من ولد بني موسى - فخلصت له وبقيت في أولاده.

ومحمد بن جعفر هذا رأس فرع آخر من بني موسى يقال لهم الهواشم، وهو كذلك رأس فترة جديدة يتعاقب فيها على ولاية مكة أبناؤه وأحفاده، حتى يغلب عليها فرع آخر من الأشراف هم بنو قتادة في نهاية القرن السادس.

وفي ولايته كانت الفتنة بينه وبين التركمان سنة ٤٨٤، وأخذه الحجاج سنة ٤٨٦.

وهو أول من أعاد الخطبة لبني العباس في مكة بعد أن انقطعت نحواً من مائة سنة، ولكنه صار يخطب بعد ذلك للعباسيين حيناً، وللفاطميين حيناً آخر، ويقدم في ذلك من تكون صلته أعظم. ودامت ولاية محمد بن جعفر إلى أن مات سنة سبع وثمانين وأربعمائة وقد جاوز السبعين سنة.

وولي مكة بعده ابنه القاسم بن محمد، وظل حتى توفي سنة ٥١٧، فتكون ولايته نحواً من ثلاثين سنة.

وخلفه ابنه فليتة وتوفي وهو في الإمارة سنة ٥٢٧.

وجاء بعده ابنه هاشم بن فليتة واستمرت ولايته حتى مات سنة ٥٤٩. وفي عهده، سنة ٥٣٩، وقعت الفتنة بينه وبين الأمير نظر الخادم أمير الحاج العراقي، ونهب أصحاب هاشم الحجاج وهم في المسجد يطوفون ويصلون، ولم يرقبوا فيهم إلا ولا ذمة.

وخلف هاشماً ابنه القاسم بن هاشم عمدة الدين وعزل في سنة ٥٥٦ في الموسم، عزله أمير الحج، ورتب مكانه عمه عيسى، وبقي عيسى إلى رمضان. ثم إن قاسما جمع كبيراً من العرب وهاجم مكة، فلما سمع به عيسى فارقها ودخلها قاسم، وأقام بها أميراً أياماً، وتغيرت نية أصحابه عليه بعد أن قتل قائداً حسن السيرة من قواده، فقتلوه، واستقر الأمر لعيسى سنة ٥٥٧.

واستمر عيسى بن فليتة والياً حتى توفي سنة ٥٧٠. ونازعه الولاية سنة ٥٦٥ أخوه مالك بن فليتة واستولى على مكة نحواً من نصف يوم.

وخلفه ابنه داود بن عيسى، واستمر إلى رجب من عام ٥٧١.

ووليه أخوه مكثر بن عيسى، ولكنه عزل في الموسم من سنة ٥٧١، وجرىبينه وبين طاشتكين، أمير الحاج العراقي، حرب شديدة كان الظفر فيها لطاشتكين.

<<  <  ج: ص:  >  >>