فلا وصلٌ ولا هجر ... ولا قربٌ ولا بعدُ
وقوله:
بقلبي منهمُ عُلَقُ ... ودمعي فيهمُ عَلَق
وعندي منهمُ حُرَقُ ... لها الأحشاءُ تحترق
ونحن ببابهم فِرَقُ ... أذابَ قلوبَنا الفَرَقُ
وما تركوا سوى رمَقٍ ... فليتهمُ له رمَقوا
فلا وصلٌ ولا هجرٌ ... ولا نومٌ ولا أرَقُ
ولا يأْسٌ ولا طمَعٌ ... ولا صبرٌ ولا قلَقُ
فليتهمُ وإن جاروا ... ولم يُبقوا عليَّ بقوا
فأفنى في بقائهمُ ... وريحُ مودَّتي عبِقُ
كمثل الشَّمع يُمْتع مَن ... يُنادمُهُ ويَمَّحِقُ
أنشدني مجد العرب العامري له:
يا قلبي إلامَ لا يفيدُ النُّصْحُ ... دَعْ مَزحَكَ كم هوىً جناه مَزْحُ
ما جارحة منك خلاها جرحُ ... ما تشعر بالخُمار حتّى تصحو
ووجدت مكتوباً في جزء: أنشدنا الشيخ أبو محمد عبد الله بن القاسم بن الشهرزوري من أبيات لنفسه سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة:
قد جاءكم برداء الذُّلِّ مشتملا ... عبدٌ لكمْ مالكم مِن أسرِه فادِ
أَسكنتموه زماناً أرضَ هجركُمُ ... فتاهَ فيها بلا ماءٍ ولا زادِ
وظلَّ من وَحشة الإعراض مُختبِطاً ... في ظلمة الصّدِّ من وادٍ إلى وادِ
قتلتموني وأنتم أولياءُ دمي ... فمن يطالب والفادي هو العادي
ووجدتُ في مجموعٍ له:
وما رحلوا إلاّ وقلبي أمامَهمْ ... وما نزلوا إلاّ وكان لهم أرْضا
يميلوا إليهم حيث مالوا فإنَّه ... يرى طاعةَ المحبوب في حبِّه فرضا
وذكره أبو سعد السمعاني المروزيّ في مصنّفه فقال: أنشدني أبو طالب محمد بن هبة الله الضَّرير المَوصلي قال: أنشدني عبد الله بن القاسم الشّهرزوريّ لنفسه:
مُعلِّلَتي بالوصل طال ترَقُّبي ... أَريحي بيأْسٍ فالرَّجاءُ مُعذِّبي
ولا تخدعيني بالأماني فطالما ... أطلتِ ظَمائي ثمَّ كدَّرتِ مَشرَبي
تريدين قطعي بالوصال، وجفوةٌ ... مع الودِّ أحظى، فاثبتي وتجنّبي
فإنَّ الجفا والهجر ليس بضائرٍ ... إذا هو أبقى موضعاً للتَّعَتُّبِ
قال: وأنشدنا أبو طالب الضرير أنشدني عبد الله بن القاسم لنفسه:
شكوتُ إليها ما بقلبي من الجَوى ... فقالتْ: وهل أبقى الفراق له قلبا
فقلتُ: فلو نفَّسْتِ عنّي كربةً ... بقربِكِ قالت: ذاك يُغري بك الكربا
فقلتُ: انصفي في الحبِّ قالت: تعجباً ... وهل يطلب الإنصافَ من يدَّعي الحُبّا
فقلتُ: عذابي هل له فيكِ آخرٌ ... فقالتْ: إذا ما صار مقترحاً عَذبا
فقلت: فهل لي في وصالكِ مَطمعٌ ... فقالت: إذا ما شمسنا طلعَتْ غَربا
فقلتُ: فهل من زَورةٍ يجتني بها ... ثمارَ المُنى ظمآنُ قد مُنِعَ الشُّرْبا
فقالت: إذا ما غابَ عن كلِّ مَشهدٍ ... وخاضَ حِياضَ الموتِ واستسْهَلَ الصَّعبا
وأصبح فينا حائراً ذا ضلالةٍ ... يواصلُنا بُعداً ونجرُه قربا
فحينئذٍ إن فاز مِنّا برحمةٍ ... وزارَ على عِلاّتِه زارَنا غِبّا
وقال: أنشدنا أبو طالب الضرير الموصلي: أنشدني عبد الله بن القاسم في الشمعة:
ناديتُها ودموعها ... تحكي سوابق عَبرتي
والنارُ من زَفَرَاتها ... تحكي تلهُّبَ زَفْرَتي
ماذا التنحُّبُ والبكا ... ءُ فأعربي عن قصّتي
قالت: فُجعتَ بمن هَوِيتُ فمِحْنتي من مِنْحتي
بالنار فُرّق بيننا ... وبها أُفرّق جملتي
وقال: أنشدنا أبو طالب الضرير: أنشدني عبد الله ابن القاسم لنفسه في الشمعة:
إذا صال البلا وسَطا عليها ... تلقَّتْه بذُلٍّ في التَّواني
إذا خضعت تُقَطُّ بحُسْن مَسٍّ ... فتحيا في المَقام بلا تَوانِ