للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلَّما قلتُ قد تدانَوا ... شَدُّوا على العِيس واستقلّوا

فقال مَن منهمُ جَفانا ... واعتاضَ عنّا؟ فقلتُ: كُلُّ

قد حرَّموا وصلَهم علينا ... واستعذبوا الهجر واستحلُّوا

وقوله جواباً لمن ذكر أنه قال له: متى عهدك بقلبك؟:

فقلتُ عهدٌ بعيدُ ... قدَّرْت وهو جديدُ

والصَّبر يَنقصُ مُذْ با ... نَ والبلاءُ يزيد

وليس في الأمر أَنّي ... أَشْقى وأَنْتَ سعيدُ

وقوله:

حلفتُ بربِّ البيتِ والرُّكن والحِجْرِ ... لئن قدِم الأحبابُ من سفَر الهَجر

وعادوا إلى الإخلاص والصِّدق والصفا ... وحالوا عن الإعراض والصَّدِّ والغدر

وجاء نسيمُ الاختصاص مُبشِّراً ... تلقيتُهُمْ حَبواً على الخَدِّ والنَّحْر

ومرَّغتُ وجهي في التُّراب تذلُّلاً ... وقبَّلْتُ أَخفافاً بهم نحونا تسري

وأنشدتهم بيتاً قديماً نظمْتُهُ ... وأخفيتُهُ خوفَ الأجانب في سرّي

إذا أنا لم أخلعْ عِذارِيَ فَرْحَةً ... بقُرْبِكُمُ أَهل الوفاء فما عُذري

وقوله:

وافى النَّسيمُ بنفحةٍ ... نَشِطَتْ فؤادي من عِقال

مِسْكِيَّة أنفاسها ... تُهدي الذَّكاءَ إلى الغوالي

واستعْجَمَتْ أَخبارُها ... فسألت أصحابي وآلي

عنها فحاروا في الجوا ... بِ وما شَفَوا قَرَمَ السُّؤال

فسأَلتُهُمْ لمّا رأَيْ ... تُ حجابهم عمّا بدا لي

هَمَّ الحبيبُ بأنْ يزو ... رَ فهذه ريحُ الوِصالَ

وقوله على لسان القلب حين نَشِطَ من عِقاله، فقال بلسان حاله:

قد فكَّ عنّي كلَّ أغلالهِ ... وحطَّ عنّي كلَّ أَثقاله

وجادَ بالفضل الذي لم يزل ... يخُصُّ مَن شاءَ بأَفضالهِ

وقابلتْنا بعدَ ما أَعرَضَتْ ... واحتجبَتْ أَوجُهُ إقبالهِ

وانقرضت دولة أعدائهِ ... وعاودَ الملك إلى آلهِ

وصارَ مَن أَوحَشَهُ يأْسُهُ ... مُبتهجاً في أُنْسِ آماله

وقوله:

كبِدَ الحسودُ تقطَّعي ... قد باتَ مَن أهوى معي

عادتْ حِبالُ وِداده ... موصولةً فتقطَّعي

ونثرتُ يومَ وِصالهِ ... مخزونَ ما أبقى معي

ما كان لي من شافعٍ ... إلاّ الغليل وأدمُعي

قابلتُ قِبلة عِزِّه ... بتذَلُّلي وتخضُّعي

فأجابني بتلطُّفٍ ... وتعطُّفٍ يا مُدَّعي

إنَّ المُحِبَّ جوابُهُ ... خَلعُ العِذارِ إذا دُعي

وقوله:

قد رجعنا إلى الوفا ... ومضت مدَّة الجَفا

والذي كدَّر الصّدو ... دُ مِنَ الوصل قد صَفا

سُخطكمْ كان عِلَّتي ... ورضاكمْ هو الشِّفا

أرشدوني بنظرةٍ ... قد سئمنا التَعسُّفا

وقوله:

ومسرِفَةٍ في اللوم قلتُ لها مهلاً ... أفيقي فما عندي للائِمَةٍ أَهلا

جزِعْتُ بأن فارقتُ قوماً أَعِزَّةً ... عليَّ وأوطاناً تأَلَّفتُها طِفلا

ولو علمتْ مَن ذا تبدلت عنهمُ ... لكانت بهذا اللوم لائمتي أولى

تعوَّضْتُ عن فانٍ بباقٍ لأنّني ... رأيتُ رشاداً تركيَ العبد للمولى

وقوله:

صُدودٌ ما لهُ أَمَدُ ... وصَبٌّ ما له جلَدُ

وقلبٌ بالظَّما كَلِفٌ ... يرى ماءً ولا يرِدُ

كئيبٌ مُكمَدٌ دَنِفٌ ... بمن ما مسَّه كَمَدُ

إذا ما رام لي حرباً ... فأعضائي له عُدَدُ

ولا يدنو ولا ينْأَى ... ولا يُجدي ولا يَعِدُ

فيوماً نحن في سِلْمٍ ... ويوماً حربُنا تَقِدُ

ويوماً وصلُنا خُلَسٌ ... ويوماً هجرُنا مددُ

<<  <  ج: ص:  >  >>