أَنا ابنُ مَنْ أَسْأَمَ المُلوك وما ... وَنَى عَلى حالةٍ ولا سَئما
أَبْلغ أَبا كَلْبَة وإِنْ رَغِمَتْ ... أُنُوفُ أَشْياعِه وإِنْ رَغِما
أَن نُسورَ الْوَغى إِذا وَقَعَتْ ... بأَرْضِ قَوْمٍ أَطارَت الرَّخَما
نَرْمي بِنيرانِها قُرى عَدَنٍ ... صُبْحاً فَيُمسي شَرارُها الْحَرَما
أَيُشْرَب الْخَمْرُ في ذُرى عَدَنٍ ... والمَشْرَفِيّات بالْحُصَيْب ظِما
ويُلْجَمُ الدِّينُ في مَحافِلها ... والْخَيْلُ حَوْليّ تَعْلُكُ اللُّجُما
كَلاّ ومهدي أَجبةٍ خلفٌ ... له وحَيْزومُ يَمْلأُ الْحُزُما
صَلّى عَلَيْنا الإِلهُ بَعْد أَبي الْ ... قاسِم ما سَحَّ وَابِلٌ وَهَمى
ونسب عمارة اليمني في مجموعه هذه القصيدة إلى ابن الهبيني التهامي، شاعر علي بن مهدي وكان يعمل له الشعر.
وأنشدني أبو محمد بن عتيق الشاعر وكتب لي بخطه ما كتب إليه من اليمن من شعر ابن مهدي هذا:
يَميناً بِسامي الْمَجد يُدْرَك بالجِدِّ ... وحَدِّ اعتزامٍ لم يَقِفْ بي على حَدِّ
وعِزَّةِ نَفْسٍ لم تكن مُذْ صَحِبْتُها ... تُنافِسُ إِلاّ في الرَّفيع من الْمَجدِ
وَصُحْبةِ آسادٍ تَهُزُّ أَساوِداً ... فَمِنْ فِتْيةٍ مُرْدٍ عَلَى قرَّحٍ جُرْد
تَخُوضُ خِضَمَّ البحر عَبَّ عُبابهُ ... كَصُمِّ صُخورٍ في غَديرٍ من السَّرْد
تُطيحُ بِتيجانِ الْمُلوك رُؤُوسُها ... فَتُبْدِلهُا من عِزِّها صَعَرَ الْخَدِّ
لأَعْتَنِقَنَّ الْبِيضَ، لا البيض كالدُّمى ... وأَرغَبُ عن نَهْدٍ إِلى سابحٍ نَهْد
حَنِيني إِلى سَمْراءَ تَهْوِي إِلى الطُّلى ... كُزُهْدِيَ في سَمْراءَ مائسة القَدِّ
أَأَصْبو إِلى الْحُور الحِسان وهِمَّتي ... تَهِيمُ بِضَرب الْهامِ قاهِرةً ضِدّي
وقد قالتِ الْعَلْياءُ عَدِّ عن الصِّبا ... وسَلِّمْ هَوى سَلْمى ودَعْ مِنْ مُنى دَعْد
قَسَمْتُ الرَّدى والْجُودَ قِسْمين في الْوَرىفلِلْمُعْتَدي حَدِّي ولِلْمُجْتَدي رِفْدي
وما لِيَ من مالي الذي كَسَبَتْ يَدي ... تُراثٌ أُبَقِّيه سِوى الشُّكْرِ والْحَمْدِ
تُخَوِّفُني جَيْبٌ بكُثْر عَدِيدِها ... وما لجنودِ اللهِ حَوْليَ مِنْ عَدِّ
ويُرْهِبني زيدُ بن عَمْرٍو بِجنُدِه ... وبَجْدَتِه يا بِئْسَ ما حاز من جُنْد
يُقَعْقِع نَحْوي بالشِّنان وهَلْ تَرى ... عُوى الكَلبِ يُخْفي زَأْرَة الأَسَدِ الْوَرْد
إِذا قال لم يَصْدُق مَقالاً وما الصَّبا ... تُزَحزِح إِنْ هَبَّتْ ذُرى الْجبلِ الصَّلْد
وإِني ونَصرِ اللهِ رائِدُ خَيْلِنا ... وقائِدُها بين التَّهائِم والنُّجْد
وأَسيافُنا الْحُمرُ النَّواصِع من دَمِ الْ ... أَحابيشِ ما حالَتْ عَلى صِبْغَة الْوَرْد
وما لِلِدانِ السَّمْهَرِيَّةِ إِنْ شَكَتْ ... إِلينا الظَّما إِلا الوَرِيدَيْن من وِرْد
وكم رأَسِ جَبّارٍ كَوَهّاس أَصْبحتْ ... لها بَدَنٌ فينا من القَصَب الْمُلْدِ
لَئِنْ كان بُدٌّ عندكمْ من لِقائنا ... فليس لنا مّما تَخافُونَ مِنْ بُدْ
وإنْ تُخْلِفوا إِبعادَكم لي فإِنني ... مَدَى الدهر لم أُخْلِف وَعيدي ولا وَعْدي
سنبعثُها مِثلَ السَّعالي مُغيرةً ... إِلى نجدِكمْ ترمي بكلّ فتىً نَجْد
عليها قِرَى وَحْش الفَلا مِنْكُمُ فَكَمْ ... لأَجْسامِكم في جسمها شُقَّ من لَحْدِ
نُغَشّي بها أَرْضِيكُمُ فنعُيدُها ... يَباباً بلا شَخْصٍ مُعيدٍ ولا مُبْدي
وتُضْحي سَباياكُمْ مُهَوَّنَةً لنا ... تُباعُ بِفَلْسٍ ما لها مُنْكِمُ مُفْدي