للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصبحوا فِرَقاً في أرضِهم بَدَداً ... يَجوسُ أَدناهُمُ الأَقصى على مَهَل

وإنَّما هم أضاعوا حزمَهُمْ ثِقةً ... بجَمْعِهِمْ ولَكَمْ من واثِقٍ خَجِل

بني الأَصافِرِ ما نلتُمْ بمَكرِكُمُ ... والمَكْرُ في كلِّ إنسانٍ أَخو الفشل

وما رجعتم بأسرى خابَ سعيُكُمُ ... غير الأراذِل والأتباع والسَّفَل

سلبْتُمُ الجُرْدَ مُعراةً بلا لُجُمٍ ... والسُّمْرَ مَركوزَةً والبيضَ في الخِللِ

هل آخِذُ الخيل قد أَرْدى فوارسَها ... مِثالُ آخذِها في الشَّكْل والطِّوَل

أم سالب الرُّمح مَركوزاً كسالبِه ... والحربُ دائرةٌ، من كَفِّ مُعتقِلِ

جيشٌ أصابتهُمُ عينُ الكمال وما ... يَخلو من العين إلاّ غيرُ مُكتمِل

لهم بيَوم حُنَيْنٍ أُسوَةٌ وهُمُ ... خيرُ الأنام وفيهم خاتَمُ الرُّسل

سيقتضيكم بضَربٍ عندَ أَهوَنِه ... أَلْبِيضُ كالبَيْضِ والأدراع كالحُلَلِ

كان كما ذكَر، فإنَّ الإفرنج بعد ذلك بثلاثة أشهرٍ كُسِروا على حارم وقُتِل في معركة واحدة منهم عشرون ألفاً وأُسِر من نجا وأُخِذَ القَومَس والإبرنس وجميع ملوكهم، وكان فتحاً مبيناً ونصراً عظيماً، وتمام القصيدة:

ملْكٌ بعيدٌ من الأدناس ذو كَلَفٍ ... بالصِّدق في القول والإخلاص في العمل

فالشمس ما أصبحت والشمسُ ما أَفلَتْ ... والسيفُ ما فُلَّ والأطوادُ لم تزُلِ

كم قد تجلَّت بنور الدين من ظُلَمٍ ... للظلم وانجابَ للإضلال من ظُلَل

وبلدةٍ ما ترى فيها سوى بطل ... غزا فأضْحَتْ وما فيها سوى طلَل

قل لِلمُوّلِّينَ كُفُّوا الطَّرْفُ من جُبُنٍ ... عند اللقاء وغُدّوا الطرف من خجل

طلبتُمُ السَّهل تبغونَ النَّجاةَ ولَو ... لُذْتُمْ بمَلْكِكُمُ لُذْتُم إلى جبل

أَسْلَمتموه ووَلَّيْتُم فسلَّمَكُمْ ... بثَبْتَةٍ لو بغاها الطَّوْدُ لم يَنَل

مُسارعينَ ولم تُنْثَلْ كنائنُكُم ... والسُّمرُ لم تبتَذَل، والبيضُ لم تُذَلِ

ولا طرقْتُمْ بوَبْلِ النَّبْل طارقَةً ... ولا تعلَّقتِ الأَسيافُ في القُلَل

فقام فرداً وقد ولَّتْ جحافِلُهُ ... فكان من نفسه في جَحفَلٍ زَجِل

في مَشهدٍ لَو لُيوثُ الغِيل تشهدُه ... خرَّت لأذقانها من شِدَّة الوَهَل

وسْطَ العِدى وحدَه ثَبْتَ الجِنان وقد ... طارت قلوبٌ على بعدٍ من الوجل

يعودُ عنهم رويداً غيرَ مُكترثٍ ... بهم وقد كَرَّ فيهم غيرَ مُحتفل

يزدادُ قُدْماً إليهم مِن تَيَقُّنِه ... أنَّ التَّأَخُّرَ لا يحمي من الأجَل

ما كان أَقربَهُم من أسر أَبعدِكُمْ ... لو أَنَّهم لم يكونوا منه في شُغُل

ثباتُه في صُدور الخَيل أَنقذكُمْ ... لا تَحسِبوا وثَباتِ الضُّمَّرِ الذُّلُلِ

ما كلَّ حينٍ تُصابُ الأُسْدُ غافلَةً ... ولا يصيبُ شديدَ البَطشِ ذو الشَّلَلِ

واللهُ عونُكَ فيما أنتَ مُزمِعُه ... كما أعانكَ في أيّامِكَ الأُوَلِ

كم قد ملكْتَ لهم مُلْكاً بلا عِوَضٍ ... وحُزْتَ من بلدٍ منها بلا بدل

وكم سقيتَ العوالي من طُلى مَلِكٍ ... وكم قريتَ العوافي من قَرا بطَل

وأَسْمَرِ من وريد النَّحر مَوردهُ ... وأَجْدَل أكله من لحمِ مُنجَدِل

حصيدُ سيفكَ قد أَعفيتَه زمناً ... لو لم يَطُلْ عهدُه بالسيف لم يَطُلِ

لانكَّبَتْ سهمَكَ الأقدارُ عن غرَضٍ ... ولا ثُنُتْ يدَكَ الأَيّامُ عن أَمل

ومن شعره في الصالح ابن رُزِّيك قصيدةٌ أَرادَ قصده بها ثم أنفذها إليه، أوّلها:

<<  <  ج: ص:  >  >>