رَوْدٌ تَرودُ حِمى قَلْبِي وتشربُ من ... دَمْعِي وتسكن من صدري إلى حَرم
نادتْ محاسِنها العُشّاقَ مُعلِنةً ... أنّ المَنى والمُنى في مُقْلتي وفمي
فما احْتكمْتُ وعيْنَيْها إلى فَمِها ... إلاّ شُغِلتُ عن الخَصْمين بالحَكَمِ
غَرّاءُ كالدُّرَّة البيضاء تَحْجُبُها ... أستارُ بحرٍ بماء الموتِ مُلتَظِم
تُهْوى فَتَهْوي المُنى دون اللَّحاقِ بها ... أَفْدِيك مِن أَمَمٍ أَعْيَا على الأُممِ
زارَتْ فَأَيْقَظتُ صَوْنِي في زيارتها ... ليَقْظتي وَنَدَبتْ الحلْمَ للحُلُمِ
آليتُ أسألُ إلْمامَ الخيالِ ولي ... عَينٌ وقد ظَعَنَ الأحباب لم تَنَمِ
كأنَّني بهمُ أَقْسَمتُ لا طَمِعت ... طيبَ الكَرى فأبَرَّتْ مُقلَتي قَسَمي
وكيف لي يَوْمَ ساروا لو صَحِبْتُهمُ ... مِن المطايا ورأسي مَوْضِعَ القَدِم
بانوا فَرَبْعُ اصطباري مُنذ بَيْنِهمُ ... بالٍ كَرَبْعِهمُ البالي بذي سَلَم
وا وَحْشَتي إذ أُنادي في مَعالِمِهمْ ... صُمّاً تُجيبُ بما يَشفي من الصَّممِ
يَشْكُو صَداها إلى عَيْنِي فَتَمْنَحُها ... دَمْعَاً إذا فاض أَغْنَاها عن الدِّيَمِ
وكلّما قال صحبي طالَ مَوْقِفُنا ... فارْحلْ بنا قالت الآثارُ بل أَقِم
مَنازِلٌ كلّما طال البِعاد عَفَتْ ... كأنما تَسْتَمِدُّ السُّقْمَ من سَقَمي
قِفوا فَأَقْوى غَرامي ما يُجَدِّدُهُ ... برَسْمِه طَلَلٌ أقوى على القِدَم
قُل للأُلى غَرَّهمْ حِلْمي ونَقَّصَهمْ ... إيّاكمُ وطريقَ الضَّيْغَمِ اللَّحِم
فالحِلْمُ جَفْنٌ وإنْ سُلَّتَّ حَفيظتُه ... فربّما كَشَفَتْ عن صارِمٍ خَذِمِ
وله قصيدة طائيّةٌ على وزن قصيدة المعري وقد أثبتُّها جميعها لإثبات أخواتها من أشعار أهل العصر كتب بها إلى الرئيس أبي طالب الحسين بن محمد بن الكُميت وهي:
أَعَذْلُك هذا أنْ رَأَيْتَهمُ شَطُّوا ... وفي الآلِ إذْ غَطَّوْا هَوادِجَهُمْ غَطُّوا
لئن قُوِّضَتْ فاراتهم وتحَمَّلوا ... لقد نُصِبَتْ في خاطِري وبه حَطُّوا
فلا تَحْسَبنَّ الشَّحْطَ يُذْهِل عنهمُ ... فأقربُ ما كانوا إذا اعترضَ الشَّحْطُ
رَضِيتُ بمن أهوى فدامَ لي الرِّضا ... وَتَسْخطُه منّي فَدام لك السُّخْطُ
رأيتُ الأُلى كلَّفْتني الصبرَ عنهمُ ... بهم قَسَمي ما إنْ تَناسَيْتُهم قَطُّ
همُ سَوَّموا لَيْلِي وصُبْحي كتائباً ... من الروم تَغْزُوني وتَخْلُفها الزُّطُّ
فَأَعْجَبُ منّي كيف أغترُّ بالهوى ... وأسألُه قِسْطاً وما شأنه القِسطُ
وعن رغبةٍ حكَّمتُ في القلب جائراً ... فَشَكْوايَ منه القَسْطَ في حكمه، قِسْطُ
نصحتُكمُ لا تركبوا لُجَجَ الهوى ... ألا إنّ بحر الحبّ ليس له شطُّ
بسِقْط اللِّوى أَبْكَى امرأَ القيسِ مَنْزِلٌوليس اللِّوى داءَ ابنِ حُجْرٍ ولا السِّقْطُ
لَقِيتُ برَهْطي كلَّ خَطْبٍ تدافَعوا ... فحينَ لَقيتُ الحُبَّ أسلمَني الرَّهْطُ
وأَرْبُطُ جَأْشِي عند كلِّ عظيمةٍ ... تُلِمُّ ويومَ البَيْن يَنْتَكِثُ الرَّبْطُ
ولمّا أذاعوا ما أسَرُّوا من النَّوى ... وظَلَّتْ على العُشّاقِ أحداثها تَسْطُو
كَتَبْنا على صُحْفِ الخُدودِ بمُذْهَبٍ ... وكان من الأجفانِ بالحُمْرةِ النَّقْطُ
ومُقْتَبِسٍ سِقْطاً أَشَرْتُ إلى الحَشا ... وجاحِمِها لمّا تعَذَّرَتِ السقْطُ
أَحِلُّ رِياضَ الحَزْنِ مُكْتَئِبَ الحَشاوَقَلْبي بحيثُ الأَثْلُ والسِّدْرُ والخَمْطُ
تعَلَّق بالقُرْطِ المُعلَّقِ قائلاً ... سُكوني مُحالٌ كلّما اضطرب القُرْطُ