للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها:

فيا رُبَّ يومٍ قد لَهَوْتُ بغادة ... منعَّمةٍ، غَرْثَى الوِشاحِ، كَعابِ

أَناةٍ، يُضيءُ البيتَ لألاءُ وجهِها ... ولو سترت من دونه بنِقابِ

لها جِيدُ أَدْماءِ المُقَبَّلِ مُغْزِلٍ ... ووجهٌ كبدر التَّمِّ غيرُ مَعابِ

فيا لكَ لهواً في عَفاف لَهَوْتُه ... ولم تُدنس الفحشاءُ طِيبَ ثيابي

ويا رُبَّ خَرْقٍ قد قطَعْتُ نِياطَه ... بوَغْلٍ جِيادٍ أو بِنَصِّ رِكابِ

وما شِبْت من عمر طويل، فهذه ... سِنِيَّ، وهذا إن شككتَ حسابي

ولكنْ رماني الدَّهرُ منه بأَسْهُم ... شقَقْنَ فؤادي قبل شَقِّ إِهابي

فقلتُ، وقد أَصْمَيْنَ رَشْقاً مَقاتلي: ... أَهذاك دابُ النّائباتِ ودابي؟

قال: وتوفي في شعبان سنة ثلاثين وخمس مئة، بعد أن كتبت عنه الأبيات بيسير.

ابن زكرويه الأنباري هو الحسن، بن محمد، بن زكرويه. من شعراء الأيام المقتدية.

قرأت في ذيل التاريخ ل ابن الهمذاني، في حوادث سنة ثمانين وأربع مئة، ل ابن زكرويه، الأنباري، يمدح نظام الملك، ويهنئه عند عوده في السنة المذكورة من زيارة المشهدين ب الكوفة والحائر على ساكنيهما السلام، قصيدة، منها:

زُرتَ المَشاهدَ زورةً مشهورةً ... أرضت مَضاجعَ مَنْ بها مدفونُ

فكأنّك الغيثُ استمدَّ بتُرْبها ... وكأنّها بك روضةٌ ومَعِينُ

فازت قِداحُك بالثَّواب، وأنجحت ... ولك الإِلهُ على النَّجاح ضَمينُ

وله في هذه السنة، وقد خلع الإمام المقتدي على السلطان ملك شاه، وتوجه للإمامة:

هنيئاً للإمامة ما أرتنا ... من الآيات في السُّوَر الفِصاحِ

وحسبُ جلالِ دولِتها جلالاً ... وشائحُ هذه الرُّتَبِ الفِساحِ

لقد توَّجْتَ مَفْرِقه بتاج ... يُقيم على الزَّمان بلا بَراحِ

فحلَّ نهايةَ الشَّرَف المُعَلَّى ... ومازجَ صفوةَ الفخر الصُّراحِ

وقرأت في مجموع شعراء عميد الدولة، أبي منصور، محمد، بن محمد، بن جهير فيه، ويهنئه بالعود إلى الوزارة:

أبى الله إلا أن يُعِينَ بك الهدى ... وإنْ رُغم الحُسّادُ أو كرِه العِدا

سعدت، عميدَ الدَّوْلَتينِ، بأَوبة ... إلى رتبة، مَدَّتْ إلى يدك اليدا

ولو لم تكن موعودةً بك، غالَها ال ... لإِراقُ، وأبلاخا الحنينُ وأكمدا

فدُونَكَها مسرورةً بك، أقبلت ... تَهادَى جلالاً لا يُبارَى وسوددا

وها هيَ قد ألقتْ مَقاليدَ أمرِها ... إلى أمرك الأعلى، هَوىً وتَوَدُّدا

وكم كُلِّفتْ عنك السُّلُوَّ، فزادها اشْ ... تِياقاً، وأذكى وجدَها فتوَقَّدا

ومنها:

ولمّا تبدَّت همّة تَغْلِبِيَّة، ... وعزم أقام الحادثات وأقعدا،

تشوّفتِ الأخبار عنك، مَشُوقةً ... إليك اشتياقَ الرَّوْضِ حَنَّ إلى النَّدَى

ومادت ب زَوْراء العِراقِ مَخاوِفٌ ... إذا ما رآها الثّابتُ الجَأْشِ عَرَّدا

فلو لم تَصِلْها عائداً، لم تَجِدْ بها ... سريعاً إلى الدّاعي ولا متأيّدا

قدِمتَ عليها، مستهّلاً بنائل ... نفى بنَدِاه جَدْبَها المتوقّدا

أبو الحسن علي بن جد الهيتي رحمه الله.

له في مدح الإمام المستضيء بأمر الله، ويصف هيت، ويشكو أهلها، ويذمهم:

مَنازلُ هِيتٍ لا يوافقُها العدلُ ... إذا عدَل السُّلطانُ، جار بها الأهلُ

وما هيَ إلا بلدةٌ جاهليّة ... أَمَرَّت على مَرّ الزَّمانِ فما تحلو

تجمَّع أهلوها على الخُلْف والجَفا ... وبينَهما أخذُ الحرائبِ والقتلُ

قلوبُهمُ من جَنْدَلٍ وصفائحٍ ... خُلِقن، وما في العالمين لهم شَكْلُ

وأَيمانُهمْ غدرٌ إذا حلفوا بها، ... وقولُهمُ نُكْرٌ، ووعدُهُمُ مَطْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>